جاري تحميل الصفحة
مدارس المهدي

العلم فريضة

كانون1 24, 2014
قيم الموضوع
(0 أصوات)

قال الله عزَّ وجلَّ في كتابه الكريم: ﴿قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ1


في هذا البحث نتحدّث عن فريضة من الفرائض الإسلاميّة لا تقلّ شأناً عن بقيّة الفرائض، ألا وهي "فريضة العلم"، وأمّا تعبيرنا عن العلم بالفريضة فناشىء من وصف الأحاديث الشريفة لطلب العلم بأنّه فريضة، فقد ورد عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنّه قال: "طلب العلم فريضة على كلّ مسلمٍ"2, وفي كتاب بحار الأنوار إضافةُ كلمة "ومسلمةٍ"3, وهذا الحديث ممّا اتّفق عليه الفريقان، السنّة والشيعة.

معنى الفريضة


والفريضة تعني الواجب4, وبهذا يكون المراد من الحديث الشريف أنّ طلب العلم واحد من الفرائض والواجبات الإسلاميّة، وعليه يكون للإسلام فضلُ السبق في مضمار حثّ‏ِ الناس على طلب العلم، فبعد أن كان التعلُّم حقّاً وامتيازاً تتمتّع به فئات خاصّة وطبقات معيّنة في مجتمعِ ما قبل الإسلام، جاء الإسلام ليعتبر طلب العلم واجباً وفريضةً على كلّ فردٍ من أفراد المجتمع الإسلامي، دون أي فرقٍ بين المرأة والرجل، أو بين طبقةٍ أو جماعةٍ وأخرى.

إذاً تحصيل العلم والمعرفة فرض واجب على جميع المسلمين، كالصلاة والصوم والحجّ وغيرها من الفرائض الإسلاميّة.

المسلمون والعلم


ينقسم المجتمع الإسلاميّ، من حيث نظرته إلى العلاقة بين الدِّين والعلم، إلى فئتين:

الفئة الأولى: وهي تسعى لإظهار أنّ الدين والعلم متخالفان ولا يمكن أن يلتقيا أبداً، وهذه الفئة تنقسم بدورها إلى طائفتين:
أ- وهي طائفة الجهلاء المتظاهرين بالتديّن، وهؤلاء يعيشون ويرتزقون بسبب الجهل المتفشّي في الناس، ومن هنا كان العلم عدوّهم اللدود، فراحوا يشوّهون صورته أمام الناس، لكي يبتعدوا عنه، كانت دعواهم أنّ العلم يتنافى مع الدِّين.
ب- وهي طائفة المثقّفين المتعلِّمين، الّذين ضربوا بالمبادئ الإنسانيّة والأخلاقيّة عرض الحائط، فلكي يبرّروا أعمالهم المنكرة، قالوا لا يمكن أن يأتَلِفَ الدينُ والعلم، فإمّا أن تكون متديّناً، وإمّا أن تكون متعلِّماً ومثقَّفاً.

الفئة الثانية: وهي الّتي لم يخالجها قطُّ إحساس بأيِّ تناقضٍ أو تنافٍ بين الدِّين والعلم، فسَعَت إلى إزالة الظلام والغبار الّذي أثارته الفئة الأولى بطوائفها حول العلم والدِّين المقدّسين، وكان لها حظّ من كلّ من العلم والدِّين، كشاهدٍ على إمكانيّة الجمع بينهما في الواقع.

الإسلام يوصي بالعلم


فالإسلام قد أولى مسألة تحصيل العلم أهمّيّةً قصوى، حتّى أنّه اعتبره فرضاً واجباً على كلّ مسلمٍ ومسلمةٍ، وقد تعرّضت جملة من الآيات القرآنيّة والأحاديث الشريفة لبيان فضل العلم والعلماء وما لهم من الأجر الكبير عند الله عزَّ وجلَّ، وكلّ ذلك ترغيباً في العلم ودعوةً إلى تحصيله، ونحن هنا سنكتفي بذكر شي‏ء يسير من أحاديث النبيّصلى الله عليه وآله وسلم في الحثّ على طلب العلم:

الأوّل: "طلب العلم فريضة على كلّ مسلمٍ ومسلمةٍ"5, وفي هذا الحديث تأكيد على أنّ طلب العلم أمر لا يتمايز فيه أحد عن أحدٍ، فهو واجب على الرجل والمرأة، الصغير والكبير، الشابّ والشيخ، الحاكم والمحكوم، ولا يختصّ بطبقةٍ أو جنسٍ.

الثاني: "اطلبوا العلم من المهد إلى اللحد"6، وفيه إشارة إلى أنّ طلب العلم لا يختصّ بزمانٍ دون زمانٍ، فهو فريضة على كلّ مسلمٍ في كلّ زمان.

الثالث: "اطلبوا العلم ولو في الصين"7، فليس لطلب العلم مكان معيّن، وكلّ مكانٍ مهما كان بعيداً يوجد فيه علم نافع ومفيد هو من الأمكنة الّتي يجب على المسلم أن يسعى للوصول إليها، لتحصيل ذلك العلم والإفادة منه، وهذا ما يجعل طلب العلم فريضةً متميّزةً عن كثيرٍ من الفرائض الإسلاميّة الّتي حُدِّد لها وقت معيّن، كالصلاة والصوم مثلاً، أو مكان معيّن، كالحجّ.

الرابع: "الحكمة ضالّة المؤمن يأخذها أينما يجدها"8, والحكمة هي الموضوع المحكَم المتقَن المنطقيّ السليم، وهي كلّ قانونٍ أو قاعدةٍ تتّفق مع الحقيقة، وليست صنيعة الوهم والتخيّلات، فالمؤمن يبحث عن الحقيقة في كلّ اتجاه، ولا يتحفّظ أن يطلبها ولو كانت عند كافرٍ أو مشركٍ، وقد ورد عن أمير المؤمنين عليه السلام: "الْحِكْمَةُ ضَالَّةُ الْمُؤْمِنِ، فَخُذِ الْحِكْمَةَ وَلَوْ مِنْ أَهْلِ النِّفَاق"9, فالشرط الوحيد إسلاميّاً في أخذ العلم هو أن يكون ذلك العلم صحيحاً، ويتّفق مع الحقيقة والواقع.

العلم النافع، شرط واحد للعلم


نعم ينبغي لمنْ ليسوا من أهل الاختصاص أن لا يستمعوا إلى كلّ من ألقى بدَلْوه من الناس، بل لا بدّ لهم من الاستيضاح حول طبيعة الشخص الّذي يتلقَّوْن منه العلم، لئلاّ ينحرف بهم عن الخطّ المستقيم من حيث لا يشعرون، أمّا إذا كان لديهم من الخبرة ما يجعلهم يميّزون بين المفيد والمضرّ، والصحيح والفاسد من العلوم، فلا ينبغي لهم التوقّف في أخذ الصحيح والمفيد منها، ولو كان المعلِّم كافراً أو مشركاً أو منافقاً، وهذا أيضاً يميّز طلب العلم عن بعض الفرائض الإسلاميّة الأُخرى الّتي قُيِّدت بشروطٍ، كصلاة الجمعة الّتي يجب فيها الاقتداء بإمامٍ واحدٍ مسلمٍ مؤمنٍ عادلٍ، أمّا طلب العلم فلم يُقيَّد سوى بأن يكون العلم صحيحاً مفيداً، ويتّفق مع الحقيقة والواقع، وإلاّ انتفى الغرض من تحصيله.

القرآن يحثّ على التسابق في فعل الخير


وقد أكّد القرآن الكريم على وجوب التسابق نحو فعل الخير، حيث وضع المسلمين في حركة منافسةٍ مع الأُمَم الأُخرى في استخدام ما آتاهم الله عزَّ وجلَّ لتحقيق الخير والسعادة للناس، فقال: ﴿لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا وَلَوْ شَاء اللّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَكِن لِّيَبْلُوَكُمْ فِي مَآ آتَاكُم فَاسْتَبِقُوا الخَيْرَات10.

*فريضة العلم، سلسلة احياء فكر الشهيد مطهري، نشر: جمعية المعارف الإسلامية الثقافية


1- سورة الزمر، الآية: 9.
2- وسائل الشيعة، ج 27، ص 26، باب؛ من أبواب صفات القاضي، ج 16.
3- بحار الأنوار، ج 2، ص 32، باب 9، من كتاب العلم، ج 20.
4- راجع لسان العرب، ج 11، ص 159.
5- بحار الأنوار، ج 2، ص 32، باب 9 من كتاب العلم، ح 20.
6- تفسير القمي، ج 2، ص 401، كشف الظنون لحاجي خليفة، ج 1، ص 78.
7- كشف الخفاء للعجلوني، ج 2، ص 44.
8- من لا يحضره الفقيه، ج 4، ص 380.
9- نهج البلاغة، ج 4، قسم الحِكَم: الحكمة 80.
10- سورة المائدة، الآية: 48.

رأيك في الموضوع

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

الرزنامة


أيار 2024
الأحد الإثنين الثلاثاء الأربعاء الخميس الجمعة السبت
28 29 30 1 ٢٢ 2 ٢٣ 3 ٢٤ 4 ٢٥
5 ٢٦ 6 ٢٧ 7 ٢٨ 8 ٢٩ 9 ٠١ 10 ٠٢ 11 ٠٣
12 ٠٤ 13 ٠٥ 14 ٠٦ 15 ٠٧ 16 ٠٨ 17 ٠٩ 18 ١٠
19 ١١ 20 ١٢ 21 ١٣ 22 ١٤ 23 ١٥ 24 ١٦ 25 ١٧
26 ١٨ 27 ١٩ 28 ٢٠ 29 ٢١ 30 ٢٢ 31 ٢٣ 1
لا أحداث

مواقع صديقة

Image Caption

جمعية المبرات الخيرية

Image Caption

مؤسسة امل التربوية

Image Caption

مدارس الامداد الخيرية الاسلامية

Image Caption

المركز الاسلامي للتوجيه و التعليم العالي

Image Caption

وزارة التربية والتعليم العالي

Image Caption

جمعية التعليم الديني الاسلامي

Home
https://socialbarandgrill-il.com/ situs togel dentoto https://sabalansteel.com/ https://dentoto.cc/ https://dentoto.vip/ https://dentoto.live/ https://dentoto.link/ situs toto toto 4d dentoto omtogel http://jeniferseo.my.id/ https://seomex.org/ omtogel https://omtogel.site/