جاري تحميل الصفحة
مدارس المهدي
الادارة

الادارة

ادارة موقع مدارس المهدي

البريد الإلكتروني: عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.
الأربعاء, 19 حزيران/يونيو 2013 15:58

التعلّم والقوى الإدراكية

التعلّم والقوى الإدراكية

الإدراك هو ما يمكِّن الإنسان من التعرف إلى ذاته وإلى العالم بصورة أو بأخرى، وبمستوى أو بآخر، وهو عبارة عن أفعال متنوعة للشعور السيكولوجي(1) Conscience psychologique عندما يتوجه للذات وللعالم بقصد الإدراك والمعرفة، وليس بقصد إصدار الأحكام القيمية، لأنه عندما يتوجه بهذا الاتجاه يسمى الشعور الأخلاقي أو الضمير أو الوجدان Conscience morale.

هذه الأفعال هي: الإدراك الحسي، التذكر، التخيل، التعقل. ويقابلها تباعاً، الحواس والذاكرة والخيال والعقل، مما يسمى قوى إدراكية.‏

في ما يلي نتناول هذه القوى بوصفها أفعالاً متنوعة للشعور من خلال تعريف كل منها وعرض وظائفه وأوجه استعماله في التعلم وأشكال تدريبه بما يجعله أقدر على القيام بالوظائف المرسومة له من قبل الخالق جلّ وعلا.‏

الإدراك الحسي‏

هو فعل من أفعال الشعور، يتميز باتجاهه نحو موضوعه، بوصفه حاضراً هنا (في المكان) والآن (في الزمان)، وقابلاً، بالتالي لأن يدرك مباشرة. لهذا الفعل أدواته التي هي الحواس الظاهرة والباطنة، وما يرتبط بكل منها من عصب توصيل، ومركز عصبي خاص في القشرة الدماغية.‏

الحواس الظاهرة‏

هي أجهزة عضوية (العين، الأذن، الأنف، اللسان، الجلد) ينتهي كل منها إلى عصب يتصل بمركز خاص في القشرة الدماغية، وينقل ما يصله من رسائل البيئة الخارجية إلى المركز الخاص بالحاسة في القشرة الدماغية، الذي يقوم بترجمة ما يصل إليه إلى ألوان لأشياء في المكان (حاسة البصر) أو أصوات (حاسة السمع) أو روائح (حاسة الشم) أو إحساس بالبرودة والحرارة، أو القساوة والطراوة، أو الصلابة والنعومة ... (حاسة اللمس).‏

(1): الشعور السيكولوجي مصطلح للدلالة على ما يميّز بين الإنسان في حالة اليقظة وحالتي النوم أو الإغماء أو السكر الشديد .. إلخ. وفي تراثنا مصطلحات عديدة للدلالة على الشعور السيكولوجي منها: النفس، الفؤاد، القلب، العقل. وقد آثرنا استخدام المصطلح الشائع الاستعمال في الكتب التي تتناول الموضوع لكي لا يقع القارئ في سوء الفهم.‏

الحواس الباطنة‏

هي أعصاب متصلة بأجهزة عضوية داخلية، تنقل بعض تأثيرتها إلى مراكز عصبية، تترجمها إلى أحاسيس بالألم أو بالتعب، أو الانزعاج... أو إلى شعور بالحاجة للطعام أو الشراب أو الراحة أو النوم. وهي بمثابة رسائل للشعور بأن هناك، في الجسد، خللاً، ينبغي إصلاحه، أو نقصاً ينبغي إكماله.‏

وظائف الإدراك الحسي‏

تختصر وظائف الإدارك الحسي بالتعرف على مجريات البيئتين الخارجية والداخلية بالمستوى الكافي للتكيف معها.‏

إن الحواس الظاهرة لا تجعلنا ندرك رسائل البيئة الخارجية، كما هي في حقيقتها، وإنما تجعلنا ندرك هذه الرسائل على صورة صفات للأشياء، تساعدنا في التعرف عليها والتمييز بينها، وهذا ما يمكِّننا من التعاطي معها انتفاعاً بما تمَّ التعرف إلى كونه نافعاً، واجتناباً لما تمّ التعرف إلى كونه ضاراً أو مؤذياً، أي بكلمة مختصرة، ما يمكننا من التكيف مع متطلباتها أو التدخل لتكييف هذه المتطلبات إذا توفرت لنا الوسائل والتقنيات الضرورية لذلك.‏

كذلك، فإن الحواس الباطنة تجعلنا ندرك رسائل البيئة الداخلية، لا كما هي في حقيقتها، وإنما على صورة أحاسيس أو حاجات نشعر بها ونتحرك لمعالجتها، ما يعني أن وظيفة هذه الحواس أن تعرفنا بما يجري في البيئة الداخلية لجسدنا بالحدود التي تجعلنا نتكيف مع متطلباتها.‏

هذه الحقائق هي التي جعلتنا نستعمل كلمة "ترجمة" لوصف ما تقوم به المراكز الخاصة بكل حاسة في القشرة الدماغية من تحويل لرسائل البيئة إلى صفات للأشياء (الحواس الظاهرة) وأحاسيس بمشاعر أو حاجات (الحواس الباطنة).‏

إن هذه الرسائل ليست بذاتها ألواناً، بل تموجات ضوئية ذات أطوال وترددات متنوعة، تتنوع تبعاً لها الألوان، وليست أصواتاً، بل ذبذبات هوائية، وليست روائح أو طعوماً، بل عناصر كيميائية، وليست برودة أو حرارة أو .. أو.. بل عمليات فيزيائية إلخ..‏

إن هذه الصفات وتلك الأحاسيس هي إذن صفات وأحاسيس بالنسبة لإدراكنا. لكنها، بذاتها شيء آخر. وهذا ما يجعلنا نرى أن الوظيفة المعرفية للحواس محدودة بحدود ما هو ضروري من المعرفة للتكيف، وهذا ما يجعلنا نعطي الأولوية لهذه الوظيفة من وظائف الإدراك الحسي، وإن كانت هذه الوظيفة المعرفية للحواس تشكل المدخل الضروري والممر الإجباري لسائر المعارف المتعلقة بعالم الشهادة، على الأقل، وهذا ما سيتضح عند تناولنا القوى الإدراكية الأخرى.‏

التذكر‏

هو فعل من أفعال الشعور، يتميز باتجاه نحو موضوعه، لا بوصفه حاضراً هنا، والآن كما في الإدراك الحسي، وإنما بوصفه ماضياً مع إدراك واضح أنه كذلك، أي أنه كان حاضراً في لحظة من اللحظات، ثم أصبح في اللحظة الراهنة ماضياً.‏

هذا يعني أننا في حال التذكر لا نعاين الحدث أو الشيء، بل نستعيده ذهنياً بوساطة صور ذهنية، وقد اصطلح على تسمية الشعور، عندما يقوم بمثل هذه الأفعال، بإسم الذاكرة.‏

الذاكرة‏

الذاكرة إذن هي الشعور في حال توجهه لاستعادة معارفه وتجاربه وخبراته السابقة في وضع يتطلب منه ذلك.‏

إن طالباً يتهيأ لإجراء امتحان مثلاً يعدّ نفسه لذلك بالسعي إلى حفظ المعلومات المطلوبة وحل تمارين تطبيقية متنوعة تساعده في ترسيخ معلوماته من جهة، وتدربه على حل مسائل، يمكن أن تطرح عليه في الامتحان من جهة ثانية.‏

هذا الطالب، يشعر، وهو في طريقه إلى قاعة الامتحانات، وكأنه لا يتذكر بدقة شيئاً مما حفظه و تدرب عليه. وتفسير ذلك أنه لا يواجه سؤالاً بعينه أو مسألة بعينها، فكل الأسئلة والمسائل محتملة، ومن هنا يكون هذا الشعور باضطراب المعلومات وتداخلها، مما يسبب له القلق والاضطراب النفسي. وربما بعض الإضطرابات الجسدية... ولكن عندما يعطى ورقة الأسئلة، اي عندما تتحدد المشكلة، ينتقل الشعور من وضع الانتشار في كل الاتجاهات إلى وضع التركيز في اتجاه محدد، ومن وضع التشتت على كل الأسئلة أو المسائل المحتملة، إلى وضع التركيز على أسئلة أو مسائل معينة. وهذا ما يمكن الشعور، غالباً، من استعادة ما يحتاج إليه في هذا الوضع المحدد مما درسه أو تدرب عليه، بينما يظل كل ما عدا ذلك خارج دائرة الشعور.‏

أكثر من ذلك، يلاحظ أن تذكر الخبرات أو المعارف أو الأحداث لا يعني استعادتها كما هي أو كما جرت... وأن بعض التفاصيل تضمر وبعضها يتضخم، وأنها تتجه عبر ذلك إلى اتخاذ أشكال مبسطة ومنطقية، تساعد في استعادتها، فإذا طلبنا مثلاً إلى تلميذ زار قلعة بعلبك أن يرسم بقايا هيكل جوبيتر، بعد بضعة أسابيع من زيارته وقارنّا بين هذه البقايا في واقعها وفي الرسم، فإننا نلاحظ ذلك بوضوح.‏

وظائف الذاكرة‏

ما تقدم، يوضح أن وظائف الذاكرة الأساسية هي التكيف مع وضع راهن والمساهمة في تكوين المعرفة.‏

1- التكيف مع وضع راهن:‏

يتضح من التجربة الملموسة لكل منا أن شعورنا ينتقي من كل خبراته وتجاربه ومعارفه السابقة ما يحتاج إليه لمعالجة مشكلة راهنة، يشكّل حلها، بالنسبة له أمراً حيوياً لإشباع حاجة أو رغبة راهنة، كما يتضح أننا لا نستفيد ما نستعيده كما خبرناه أو عرفناه في الماضي، وإنما نستعيد منه ما هو مهم وأساسي لمعالجة المشكلة الراهنة.‏

2- المساهمة في تكوين المعرفة:‏

إن الذاكرة إذ تمكّن الإنسان من الاحتفاظ بمجريات ماضية على الصورة التي ذكرنا، فإنها تساعده على:‏

أ- تشكيل المفاهيم الثابتة للأشياء، على الرغم مما يلحق بها من تنوع وتغيّر، وذلك عبر المساعدة على الاحتفاظ بالخصائص المشتركة والمستمرة، ونسيان التفاصيل المختلفة والمتغيرة.‏

ب- استعمال هذه المفاهيم لتصنيف الأشياء المتشابهة في مجموعات، تبعاً لخصائص مشتركة ومستمرة.‏

ج- التمهيد للعقل ومساعدته على تكوين الأفكار العامة المجردة، من مثل كتاب، نبات، إنسان، دائرة، ثلاثة،... التي تساعد العقل على تكوين معادل ذهني للواقع.‏

3- المساهمة في تشكيل هوية الفرد:‏

إن الذاكرة إذ تقيم هذه الصلة بين حاضر الفرد وماضيه، بما يجعل حاضره ثمرة ماضيه من جهة، وعامل تكييف لنظرته إلى ماضيه من جهة ثانية. والإفادة من ذلك سلباً وإيجاباً في التعاطي مع حاضره ومع مستقبله، ما يشعره أنه يستمر في الزمن ويبقى هو هو، على الرغم من كل ما يلحق به من تغيرات جسدية أو نفسية أو اجتماعية...‏

إن الذاكرة إذ تساهم في كل ذلك فإنها تساهم في تشكيل هوية الفرد التي تميزه عن غيره في نظر نفسه وفي نظر الآخرين. وإذا كان التاريخ هو ذاكرة الجماعة، فإن التاريخ يقوم، بالنسبة للجماعة بما تقوم به الذاكرة بالنسبة للفرد.‏

المخيلة والتخيل‏

هي القوة الإدراكية التي تساعد الفرد على تخيل ما ليس موجوداً في الواقع الملموس من مخلوقات أو ظواهر أو علاقات، وذلك بتركيب معطيات الإدراك الحسي الماثلة أو التي تم الاحتفاظ بها تركيبات جديدة موافقة لها نسبياً (التخيل الاستعادي التكراري) أو غير موافقة لها بنسبة أو بأخرى (التخيل الإبداعي) وهذا الأخير هو النشاط الأهم من أنشطة المخيلة.‏

عندما يقول الشاعر في وصف تدفق الماء إلى بركة المتوكل مثلاً:‏

تنصب فيها وفود الماء معجلة كالخيل جارية من حبل مجريها‏

فإن التخيّل الإبداعي هو الذي مكَّن الشاعر من إعطاء الحياة والوعي للماء ليراه على صورة وفود تتدافع، كما لو كانت تتسابق بعجلة إلى هدف، بينما التخيل الاستعادي التكراري هو الذي مكّنه من تشبيهها بالخيول التي أطلق عنانها من قبل فرسانها.‏

هنا يطرح سؤال: ما الفرق بين التخيل الاستعادي التكراري والتذكر؟ لو لم يرَ الشاعر صورة الخيول المنطلقة والاحتفاظ بهذه الصورة، هل كان يمكن أن يصف الماء المتدفق بهذا الوصف؟‏

الحقيقة أن الخيال بشكليه الاستعادي والإبداعي لا يستغني في عمله عن الذاكرة، ومع ذلك فإن الفرق بين فعلي التذكر والتخيل يظل قائماً، وهو يعود إلى الفرق في موقف الشعور من موضوعه في حالة التذكر، كما رأيناه. وموقفه في حالة التخيل، حيث يتصف باتجاهه نحو موضوعه، لا بوصفه ماثلاً هنا، والآن كما في الإدراك الحسي، ولا بوصفه ماضياً، كما في التذكر، وإنما بوصفه غير موجود في مجال الإدراك الحسي، لا في إطار الزمان ولا في إطار المكان، وإنما تم اختلاقه عبر تنظيم مخلَّفات الإدراك الحسي في الوعي بصورة جديدة.‏

وظائف المخيلة:‏

للمخيّلة، كما لغيرها من القوى الإدراكية وظيفتان أساسيتان، هما: المساهمة في تكوين المعرفة والمساهمة في تكيف الفرد مع مشكلات عملية أو فكرية.‏

المساهمة في تكوين المعرفة:‏

مساهمة المخيلة في تكوين المعرفة هي مساهمتها في كل ما أضافه الإنسان إلى الطبيعة من إبداعات فنية أو اكتشافات علمية أو مخترعات تكنولوجية.‏

الإبداعات الفنية:‏

الإبداعات الفنية في الشعر والأدب والرسم والنحت والبناء والموسيقى والحركات الإيقاعية ينطبق عليها جميعاً أنها عبارة عن تركيبات جديدة ومتنوعة موافقة أو غير موافقة لمعطيات الإدراك الحسي الماثلة أو التي تم الاحتفاظ بها، وبالتالي فإن المخيلة تسهم فيها بصورة أساسية.‏

إن المثل الذي أعطيناه سابقاً لإيضاح التعريف ينسحب على كل أنواع الفنون، ولكن بعد تبديل اللغة التي هي وسيلة التعبير في الأدب بالألوان والأشكال عندما يتعلق الأمر بالرسم، وبالتعاريج والنتوءات والملامح عندما يتعلق الأمر بالنحت، والتصاميم والمواد المتنوعة في البناء، والأصوات في الموسيقى، والحركات في الإيقاع..‏

في كل هذه الفنون يولد الفنان واقعاً جديداً غير موجود بذاته في الطبيعة، بل يضيفه إلى الطبيعة، وإن ابتناه من عناصر موجودة فيها.‏

الإكتشافات العلمية:‏

الإكتشافات العلمية، على اختلافها، هي عبارة عن محاولات لفهم الواقع الطبيعي والإجتماعي بكل نواحيه، ومحاولات لتجاوز ما يمكن أن يظهره الواقع من خلل في هذا الفهم، عبر تطور التجربة الإنسانية.‏

في علم الفلك مثلاً، فسَّر العالم الإنكليزي نيوتن حركة الكواكب السيارة حول الشمس، بواسطة الجاذبية، ووضع علماء آخرون قوانين دقيقة لحساب بعد مسار كل منها عن الشمس، وكم تستغرق دورة كل كوكب حول الشمس... إلخ. تفسير نيوتن هذا كان تجاوزاً لتفسير حركة الكواكب بأن كلاً منها يملك روحاً تحركه على غرار الإنسان. كما كان قول كوبرنيكس وغاليله باحتلال الشمس مركز المجموعة تجاوزاً لقول يطليموس باحتلال الأرض لهذا المركز.‏

فلنرَ مثلاً كيف تمّ اكتشاف "نبتون" في إطار نظرة نيوتن والقوانين المكمّلة لها.‏

لاحظ العالم الفرنسي "لي فيريه" Le Verrier من خلال الحسابات الفلكية والرصد أن سيار الزهرة لا يجري في المسار الذي تؤدي إليه الحسابات الفلكية على القوانين المعتمدة لذلك، ما عنى أنه أمام مشكلة تتمثل بتناقض بين ما تؤدي إليه الحسابات من تحديد لمسار الزهرة، وبين المسار الواقعي لها. ولما كان العقل لا يحتمل مثل هذا التناقض، كان عليه أن يعمل على تجاوزه. خلال التفكير والبحث انبثق في ذهن ذلك العالم افتراض أن يكون هنالك سيار غير مكتشف ذو كتلة معينة، وبعد معيَّن عن الشمس. (حسب الكتلة والبعد بدقة)، وأن وجود مثل هذا الكوكب يؤدي إلى تجاوز التناقض وحل الإشكال.‏

ظلت هذه الفرضية مجرد فرضية، حتى تمّ التثبت منها باكتشاف السيار المفترض من قبل العالم الألماني لي غال Le Gall، وسمي بإسم "نبتون".‏

إن هذا الإكتشاف، كما غيره من الإكتشافات العلمية، يظهر بوضوح دور الخيال فيه. فـ"نبتون" لم يمر مطلقاً في الإدراك الحسي ولا في الذاكرة، وإنما ابتكر كفكرة، كفرضية من قبل الخيال، وظل كذلك أكثر من أربعة أشهر حتى أمكن اكتشافه بواسطة أحد المراصد المتطورة. ودور الخيال العلمي لا يقتصر على "إبداع" الفرضية، وإنما يمتد إلى "إبداع" وسائل التثبت من صحتها أو خطإها. عندما أراد باسكال مثلاً أن يتثبت من فرضية الضغط الجوي افترضها صحيحة وبحث عما يترتب على صحتها من وجوب انخفاض مستوى الماء في الأنانيب المفرغة في الهواء في الأماكن العالية، وارتفاعها في الأماكن المنخفضة، ولكي يسهل إجراء التجارب للتأكد من صحة الفرضية أبدع الخيال استعمال الزئبق بدل الماء لاستخدامه في الأنانيب، ما يجعل طول ما يحتاج إليه منها أقل 13,6 مرة من تلك التي نحتاجها لو استعملنا الماء في الاختبار.‏

الاختراعات التكنولوجية:‏

إن الاختراعات هي محاولات متتابعة لتحسين قدرة الإنسان في تعاطيه مع الطبيعة تأميناً لحاجاته وتطويراً لأشكال إشباع هذه الحاجات في النوع والكم.‏

وكل هذه الاختراعات بدأت على صورة تخيلات، قامت اليد بتحويلها إلى أداة أو إلى آلة... ينطبق ذلك على اختراع الفأس الحجري، كما على أحدث الآلات وأكثرها تعقيداً، من مثل الحاسوب، والأنترنت والأقمار الاصطناعية. ولا نظننا بحاجة إلى الإشارة إلى أن العلوم الحديثة تغذي التكنولوجيا والعكس صحيح.‏

المساهمة في التكيف:‏

هذه الوظائف التي تقوم بها المخيلة في الإبداع والاكتشاف والاختراع هو الذي أعطى الإنسان تلك القدرة على التكيف مع المشكلات العملية والفكرية التي كانت وما زالت تواجهه باستمرار عبر البحث عن حلول لها، وصولاً إلى مزيد من السيطرة على الطبيعة ومزيد من فهمه لها، وفهمه لنفسه ولمحيطه الاجتماعي... ما أنتج الحضارات والثقافات البشرية (الوضعية) المتنوعة من جهة، والمتوحدة في منشئها، كحضارات وثقافات وضعية من جهة ثانية.‏

العقل:‏

نميّز بين العقل بوصفه فعلاً وبوصفه قوة، بوصفه فعلاً، يتميز العقل (=التعقل) عن غيره من أفعال الشعور بأنه يستحضر موضوعه على صورة أفكار عامة مجردة، يربط بينها ليكون أحكاماً، ويربط بين هذه الأحكام ليستخرج أحكاماً جديدة، منها عبر ما يسمى التفكير. أما بوصفه قوة، فهو الشعور نفسه عندما يتوجه للقيام بهذه الأفعال أو الوظائف، من خلال تركيب وتوحيد معطيات سائر القوى الإدراكية، مستفيداً منها في القيام بوظائفه الخاصة المشار إليها.‏

وظائف العقل بما هو قوة:‏

هي نفسها أفعال الشعور، عندما يتوجه إلى عقل العالم، أي إدراكه على صورة معادلات ذهنية له متمثلة بأفكار عامة مجردة، ينشئها ويربط بينها بأشكال مختلفة. هذا ما يحدد هذه الوظائف بالتالي:‏

1- تكوين المفاهيم:‏

وتقوم هذه العملية على إيجاد معادلات ذهنية للواقع على صورة أفكار عامة مجردة، معبَّر عنها بألفاظ أو رموز تكتسب قيمة المصطلح. ويتم ذلك بوساطة الإدراكات الحسية التي تجعل المرء يلاحظ ما بين أشياء الطبيعة والمجتمع وظواهرهما من تشابه واختلاف في الصفات الحسية، فيجرد أوجه التشابه من أوجه الاختلاف ويعطيها لفظاً للدلالة عليها.‏

فمثلاً، نحن نتعرف عبر الإدراك الحسي إلى آحاد من الناس يختلفون في الألوان والقامات والأشكال، ولكنهم يتشابهون في أنهم جميعاً مخلوقات تغتذي وتنمو وتتوالد وتحس وتتحرك وتعقل أو تفكر... فنعبر عن أوجه التشابه هذه بعد تجريدها من أوجه الاختلاف بلفظة "إنسان" التي تدل على جنس من دون أن تدل على واحد بعينه من الناس. وينطبق الأمر نفسه على كل ما يسمى اسم جنس في أي لغة، وهذا هو المفهوم أو الفكرة العامة (لأنها تدل على كل أفراد الجنس) والمجردة (لأنها لا تدل على واحد بعينه، ولأنها موجودة في الذهن، بالتالي من دون أن تكون موجودة في الواقع).‏

يتصف المفهوم بصفتين هما الماصد ق، ويعني اتساع عدد الأفراد الذين يدل عليهم المفهوم، والمعنى، ويعني مجموع الصفات المشتركة بين هؤلاء الأفراد. والماصد ق يتناسب عكساً مع المعنى. فكلما ضاق الأخير توسع ألأول، والعكس بالعكس. فمفهوم النبات مثلاً الذي يعني كل "مخلوق يغتذي وينمو ويتوالد" هو أوسع بكثير من مفهوم الحيوان الذي يعني كل "مخلوق يغتذي وينمو ويتوالد ويحس ويتحرك...".‏

قد لا يعيش الواحد منا تجربة تشكيل المفاهيم بصورة ملموسة إلا في أوضاع نادرة، لأننا نرث المفاهيم المتكونة عبر التاريخ بوساطة تعلم اللغة والمصطلحات والرموز الرياضية والعلمية (وهي شكل من أشكال اللغة). لكن عندما يتم اكتشاف جديد يتناول مخلوقات غير معروفة ونريد أن نصنفها ونعطيها مفاهيم، يقوم الفعل بما أشرنا إليه من أفعال، وصولاً إلى هذه المفاهيم. فمثلاً عندما تم اكتشاف مكونات الذرة، حديثاً، كان على العقل أن يكون مفاهيم الالكترونات والبروتونات والنواة... إلخ بالطريقة التي أشرنا إليها.‏

2- تكوين الأحكام:‏

ويكون الربط بين المفاهيم على صورة جمل مفيدة (عندما يتعلق الأمر بالخطاب) وأحكام Jugement (عندما يتعلق الأمر بالمنطق) تفيد إثبات صفة لشيء أو نفيها عنه أو المقارنة بين شيئين أو أكثر، من زاوية صفة أو أكثر. (1)

3- التفكير:‏

ويكون بالربط بين أحكام (إثنان على الأقل) لاستخراج حكم جديد، وهو ما نسميه التفكير الذي يأخذ أشكال الاستقراء أو الاستنباط أو التفكير المثيلي أو التشبيهي. (2)‏

4- التحليل:‏

وهو طريقة يلجأ إليها العقل لفهم الكليات (الأشياء، الأفكار، النصوص... ) بصورة أكثر دقة، عبر التعرف إلى العناصر المكوِّنة لها. (3)‏

5- التركيب:‏

وهو طريقة يلجأ إليها العقل للتثبت من نتائج التحليل عامة، ومن نتائج التحليل العلمي خاصة. (4)‏

6- تحريك الذاكرة والمخيلة:‏

إن إدراك المشكلات والصعوبات العملية والفكرية من قبل العقل يؤدي إلى تحريك الذاكرة والمخيلة، للبحث عن الحل، عبر استعادة المعلومات والخبرات السابقة وربطها بالمشكلة الجديدة، ودفع المخيلة إلى اكتشاف علاقات بين المشكلة والمعلومات المستعادة، وقد تسهم في التعرف إلى الحل. (اكتشاف نبتون أو الضغط الجوي أو اختراع البكرة أو الدولاب...).‏

الهوامش:‏

1- مثله تباعاً: (أ) هو (ب)/ (أ) ليس (ب)/ (أ) أكبر، أصغر/ (أ) فوق، تحت، على يمين، على يسار... (ب).‏

2- مثله تباعاً: ملاحظة أن الحديد، الزنك، النحاس، الذهب، الفضة، تتمدد تحت تأثير الحرارة واستخراج حكم: المعادن تتمدد تحت تأثير الحرارة/ المعادن تتمدد تحت تأثير الحرارة، الزئبق معدن، إذن الزئبق يتمدد تحت تأثير الحرارة/ أجرب دواء على حيوان أصيب بمرض ما، نجح الدواء في شفاء المرض، أميل إلى الاستنتاج أن الدواء نفسه قد يشفي إنساناً أصيب بالمرض نفسه.‏

3- مثله: تحليل الماء بواسطة التيار الكهربائي/ اكتشاف أن كل جزئي منه مكون من ذرتين من الهيدروجين وذرة واحدة من الأوكسجين. وهي معرفة أبعد من معرفتي الحسية له وأعمق. إذ بدل الماء المعروف لي بوصفه سائلاً لا لون له ولا طعم ولا رائحة.. يصبح مركباً كيميائياً محدد العناصر ونسبها بصورة كمية، والمعرفة الكمية هي أعمق من معرفة الكيفيات (الصفات)، والأمر نفسه ينطبق على تحليل فكرة العدالة مثلاً، أو فكرة الحق، وعلى سائر النصوص وسائر الكليات، بما فيها الآلات.‏

4- مثله: إعادة تركيب الماء من عنصريه بواسطة شرارة، تؤدي إلى احتراق الهيدروجين بالأوكسجين، فإذا حصلت على الماء أصبحت على يقين من نتائج التحليل.‏

القوى الإدراكية: توسلها في التعلّم وتدريبها‏

مساعدة الناشئ على إنماء قواه الإدراكية يستهدف مساعدته على تحقيق القدرة على استعمالها في الوظائف التي قدر الخالق لها أن تقوم بها على أفضل وجه ممكن. ولا يتأتى ذلك إلا بمساعدة الناشئ على التمرس باستعمالها، عبر تأمين الأوضاع والظروف التي تتطلب منه هذا الاستعمال والإشراف على هذا الاستعمال وتوجيهه باتجاهات صحيحة.‏

لقد رأينا بالتفصيل وظائف القوى الإدراكية في التعرف إلى البيئة الطبيعية والإجتماعية والبيئة الشخصية الداخلية، وإلى دور هذا التعرف في التكيف مع البيئة بمختلف مواقعها.‏

ممارسة هذه الوظائف يشكِّل المداخل الضرورية لأي نوع ولأي مستوىً من التعلم العفوي، والمقصود، الشخصي والمدرسي، أو النظامي وغير النظامي. وهذه الممارسة هي نفسها المدخل الضروري لأي تنمية أو تربية لهذه القوى، وإذا صحَّ ذلك، أصبحت هذه الممارسة المخطط لها جيداً من قبل المربين مدخلاً لاستعمالها في التعلم ومدخلاً لتنميتها في الوقت نفسه.‏

كل مخلوق بشري يستخدم قواه الإدراكية ويستثمر وظائفها من دون أي تدريب، وحتى من دون أي معرفة بتلك الوظائف. وهذا الاستخدام التلقائي كافٍ لتكيف ذلك المخلوق مع البيئة بمكوناتها المختلفة بصورة طبيعية. لكن عبر هذا الاستخدام أخذ يكتشف أهمية دقة الملاحظة البصرية والسمعية والذوقية والشمية واللمسية في التمييز بين معطيات البيئة المتشابهة أو المتقاربة، وأن ذلك التمييز لا تيسره الملاحظة العفوية والسريعة، ما يجعله يتطلب نوعاً من التدريب على دقة الملاحظة، وبالطريقة نفسها أخذ يكتشف أهمية تدريب سائر القوى الإدراكية لتكون أقدر على الاستجابة للتكيف مع معطيات يتعرف إلى تعقيداتها أكثر فأكثر، تبعاً لتقدمه في التعرف إلى نفسه، وإلى البيئة بوجهيها الطبيعي والاجتماعي، وتبعاً لتكاثر المشكلات الشخصية والاجتماعية والمعرفية التي عليه أن يحلها.‏

عبر هذا التطور تراكمت معارف وتجارب تتناول هذه القوى بذاتها، كما تتناول أشكالاً ممكنة لتدريبها.‏

إن المربي الناجح عندما يمارس التعليم يسعى إلى تأمين الظروف والشروط التي تتطلب من المتعلم استعمال أو ممارسة الوظائف المذكورة لمختلف قواه الإدراكية، فيحقق بذلك هدفين في الوقت نفسه: توسلها لإنجاح عملية التعلم، وإنماؤها باتجاه تحسين أدائها في ممارسة وظائفها.‏

توسل الإدراك الحسي وتدريبه:‏

أشرنا في نهاية الفقرة الخاصة بوظيفة الإدراك الحسي أنه يشكل المدخل الضروري والممر الإجباري لكل المعارف المتعلقة بعالم الشهادة، اي العالم المحسوس، وهذا ما يعطي أهمية خاصة لاستعمال الحواس في التعلم، ولتدريبها من أجل تحسين أدائها في التعلّم وغير التعلّم.‏

إن أي تعلّم يبدأ بالملاحظة المباشرة، أي بالإدراك الحسي، فالطفل يبدأ بتعلم المشي من خلال ملاحظة من يمشي حوله، ويتعلم الكلام من خلال الإصغاء لمن يتكلم معه، ويتعلم التمييز بين الأشياء في بيئته، من خلال ملاحظة اختلاف أشكالها وألوانها وطعومها وروائحها... وما يمارسه الطفل من استعمال حواسه بصورة عفوية، يسعى المعلم لتوسله بصورة مقصودة، أي مخطط لها بوعي، عبر تأمين ما يشده إلى ملاحظة ما يريد مساعدته على تعلّمه، بتوسّل:‏

1- حاسة البصر:‏

أ‌- لتعلم أشكال الأشياء وألوانها وأحجامها وأعدادها... والتمييز بينها على أساس واحدة أو أكثر من هذه الصفات.‏

ب‌- لتعلم أشكال الكلمات والحروف والأرقام والتمييز بينها.‏

ج- تعلم تصنيف الأشياء تبعاً لملاحظة صفة مشتركة أو أكثر في ما بينها من خلال مقارنتها.‏

د- تعلم ملاحظة صفة مشتركة أو أكثر واستعمالها معياراً للتصنيف.‏

هـ- تعلم اللغة قراءة بما يمهد لتعلمها كتابة.‏

و- تعلم المقارنة بين مشهدين أو صورتين أو شكلين، أو نتائج تجربتين.. إلخ.‏

إذا توسل المعلم هذه الحاسة في مساعدة المتعلم على تعلّم ما أشرنا إليه بصورة متواترة، وكلما لزم الأمر، فإنه يكون قد درّب المتعلم في الوقت نفسه على دقة الملاحظة التي هي فضيلة حاسة البصر.‏

2- حاسة السمع:‏

أ‌- لتعلم اللغة الأم (الفصحى) أو لغة أجنبية، لتكون وسيلة تواصل شفوي.‏

ب‌- لتعلم الفروق بين نبرة السؤال ونبرة الجواب، ونبرة التعجب ونبرة السرد، ونبرة التقرير.. إلخ.‏

ج- لتعلم تنويع الصوت ارتفاعاً وانخفاضاً وتطويلاً وتقصيراً في الإنشاد، أو الإلقاء، أو التجويد (في قراءة القرآن مثلاً).‏

د- لتعلّم التمييز بين النغمات التي تصدر عن آلة موسيقية أو عدد من الآلات في تعلم الموسيقى. تدريب حاسة السمع، يتم بالإكثار من استعمال هذه الحاسة في تعلم ما أشرنا إليه، مع إضافة ضرورة إعلام المتعلّم أنه سيطلب إليه محاكاة أو تقليد ما سمعه، لأن ذلك يجعله أكثر اهتماماً بحسن الإصغاء الذي هو فضيلة حاسة السمع.‏

3- حاسة الشم:‏

لتعلّم التمييز بين الأشياء، من خلال التمييز بين روائحها، وبالتالي تعلّم التمييز بين الروائح، وتعلّم الكلام المعبّر عن هذه الروائح مقترناً بشمِّها.‏

4- حاسة الذوق:‏

لتعلّم التمييز بين الأشياء، من خلال التمييز بين طعومها، وتعلّم الكلام المعبّر عن هذه الطعوم مقترناً بتذوّقها.‏

5- حاسة اللمس:‏

لتعلّم التمييز بين الأشياء، تبعاً للخصائص التي تدركها تلك الحاسة، وتعلّم الكلام المعبّر عن هذه الصفات مقترناً بلمسها.‏

تدريب هذه الحواس أقل أهمية من تدريب حاستي البصر والسمع، وذلك لأن استعمالهما في التعلّم أقل، وكذلك حاجتها للتدريب إلا في الحالات التي تتطلب تأهيل خبراء للتمييز بين أنواع من العطور أو أنواع من الأطعمة، أو المشروبات.‏

استعمال الذاكرة وتدريبها:‏

إن المعلم يتقن، أكثر ما يتقن، تدريب الذاكرة، لا من خلال تمارين المحفوظات فحسب، وإنما من خلال اعتماده (في الكثير من الأحيان والحالات) على الحفظ والتذكر في سائر الدروس والمواد، ما يشير إلى أننا لسنا بحاجة إلى التقليل منهما، لكي لا يحصل نمو زائد للذاكرة على حساب نمو القوى الأخرى. ومع ذلك يبدو أنه من الضروري أن نشير إلى ضرورة التدريب على استعمال ما يمكن تسميته محطات للتذكر زمانية (تواريخ معينة) ومكانية، وعلى استعمال وسائل التذكر (المختصرات) التي تخضع في استعمالها لقوانين التذكر نفسه (التبسيط، التمييز بين الأساسي والثانوي، التنظيم المنطقي).‏

استعمال المخيلة وتدريبها:‏

يعتمد المعلم على مخيلة المتعلم في كل الأنشطة التعلّمية التي تتطلب إبداعاً أو كشفاً أو اختراعاً من قبل المتعلم، تبعاً لمستوى نضج استعداداته ووفرة تجاربه في هذه المجالات.‏

بكلام آخر، كلما استعمل المعلم الطرائق الناشطة التي تعتمد على تحريك فاعلية المتعلم، فإنه يضع المتعلم في الظروف التي تتطلب منه استعمال المخيلة. فعندما يطلب إليه مثلاً إكمال قصة أو رسم، أو تركيب جملة، أو استخراج قاعدة من جملة أمثلة أو إعطاء مثل تنطبق عليه قاعدة، أو حل مسألة حسابية لم يتعلم حلها سابقاً، اقتراح حل لمشكلة، أو كتابة موضوع إنشاء، أو تخيل تجربة لإثبات فرضية علمية، أو تخيل قصة أو رسم.. إلخ، فإنه في كل ذلك يعتمد على المخيلة. وبقدر ما يكثر من هذا الاستعمال بقدر ما يسهم في تدريب المخيلة، ويحسن بالتالي من أدائها.‏

لابدَّ من الإشارة، إبعاداً لكل اعتراض، إلى أن المخيلة، لا تقوم بعملها هذا بمعزل عن الإدراك الحسي والذاكرة والعقل إلا في اللحظة التي ينبثق فيها الحل الجديد المحتمل في الشعور، والذي لا يكون بذاته ثمرة الإدراك الحسي، ولا الذاكرة ولا العقل، لأنه إذا كان كذلك لا يكون حلاً جديداً.‏

استعمال العقل وتدريبه:‏

كل الوظائف التي من شأن العقل أن يقوم بها، والتي عددناها سابقاً هي مجالات لاستعمال العقل في التعلّم ولتدريبه على تحسين أدائه في هذه الوظائف في الوقت نفسه. ولأننا أعطينا أمثلة مفصّلة على هذه الوظائف ومجالات استعمالاتها، فلا حاجة لتكرارها هنا.‏

استدراك:‏

عندما تحدثنا عن تدريب القوى الإدراكية، عبر الإكثار من استعمالها في التعلّم، لم نرد القول بنظرية تدريب الملكات كشكل من أشكال التعلّم، والتي نرى أن هنالك ملكات، ولكل منها نوع من التدريب الذي ينمّيها، وأن التعليم ليس سوى تدريب لهذه الملكات، ما يقتضي تغيير المناهج باتجاه جعلها تتناول مواد بعينها صالحة لتدريب كل ملكة. الرياضيات والمنطق لتدريب العقل مثلاً، المحفوظات (نصوصاً وكلمات مبعثرة...) لتدريب الذاكرة، وإنما أردنا أن نقول إن استعمال القوى الإدراكية عبر استعمال وظائفها يساعد في تحسين عملية التعلّم، كما يساعد في تنمية قدرات هذه القوى على القيام بتلك الوظائف.‏

 

 

 

الأربعاء, 19 حزيران/يونيو 2013 15:55

مساهمات المدارس الإسلامية في صياغة منهج أصيل

مساهمات المدارس الإسلامية في صياغة منهج أصيل

 

دور المدرسة الإسلامية في تأصيل الثقافة وتحصين الأمة

من أهم الأهداف التي من أجلها كانت المدرسة الإسلامية هو العمل على تحصين الساحة التربوية والثقافية في مقابل محاولات التغريب والتشويه الثقافي، والعمل على بناء أجيال تحمل الإسلام المحمدي الأصيل بوعي وإدراك إلى جانب العلم والمعرفة.

والأصالة هنا مقابل الهجانة والتشويه، فعندما نتحدث عن إسلام أصيل نعني به الإسلام المأخوذ من النبع الصافي غير الملوَّث، لأنه دين إلهي، والدين الإلهي يعتمد على الوحي وعلى النبوة، وهو بلا شك لا يقتضي السلفية والجمود كما قد يتوهم البعض.‏

كما أن من المهم الإشارة في البداية إلى أن المدرسة الإسلامية الحديثة دخلت الساحة التربوية في لبنان منذ فترة زمنية غير بعيدة قياسياً، وبالتالي فإن التجربة لا زالت حديثة العهد ولم تكتمل بعد، خاصة أنها ولدت في ظروف من التحديات والصعوبات وبالقليل القليل من الإمكانيات، إلا أن مجالات التطوير والنمو والارتقاء لا زالت قائمة.‏

وهذه التجربة على تواضعها لها أهمية كبرى ستتضح عند الحديث عن الإنجازات.‏

لكن من الجدير بالذكر، أن الإنسان قد لا يلتفت إلى أهمية أو حساسية بعض الخطوات أو البرامج إلا من خلال ردة الفعل الكبيرة تجاهها من قبل الأعداء والمتضررين منها، فنحن اليوم عندما نرى إصرار الإدارة الأمريكية على إدراج تغيير المناهج التربوية ضمن خطوات مشروعها للهيمنة على العالم اقتصادياً وسياسياً وعسكرياً وإعلامياً، نعرف مدى أهمية هذه المناهج ودورها الفاعل في تشكيل حالة الممانعة والإعاقة لتلك الهيمنة، وبالتالي فهي قادرة على إيجاد الحصانة الثقافية والفكرية والأخلاقية التي تحول دون الاستجابة لإرادة الغازي ودون القبول به، بل تقاوم استيراد الأفكار والثقافات التي صيغت بدقة لتخدم طموحات وأغراض وسياسات الأعداء، ولتمهد النفوس للقبول بمشاريعهم والتبعية التامة لهم.‏

هذا يعني أننا لا نستغني في مواجهتنا لمخططات الهيمنة الأميركية على عالمنا بل على العالم أجمع، لا نستغني عن الجبهة التربوية والثقافية لأنها هي القاعدة وهي الأساس والمنطلق لكل أشكال التصدي والمقاومة.‏

وهذا يستدعي منا العمل على محورين:‏

المحور الأول:‏

التعامل بحذر شديد مع كل المناهج التي تورَّد إلينا مباشرة من أمريكا أو تتسلل تسللاً بطرق متعددة إلى ساحتنا التربوية، فقد ثبت أنهم يسعون لإلباس مناهجهم ثوباً محلياً من ناحية الظاهر، وعلى مستوى الشكل والإخراج، لتسهيل عملية التسلل وعبر شركات محلية كما يحصل بالفعل، على طريقة الأنشطة الاستخباراتية والأمنية تماماً، لكن في عالم الثقافة والتربية بدلاً من السياسة والأمن. مما يتطلب الدقة والحذر واليقظة التامة، وعدم الانخداع بالمظاهر الخارجية التي تخفي وراءها كل الأغراض البعيدة.‏

وهنا يجدر الالتفات إلى أن بعض هذه المناهج قد يغري التربويين بحداثة الأسلوب والتقنيات والمنهجية، وقد لا يظهر ما يريدون بشكل واضح في الكتاب، لأن بعض مراحل التغيير التي تسلك أحياناً تبدأ بفك الارتباط مع مناهجنا نحن والارتباط بمناهجهم، ثم تأتي المراحل اللاحقة لتحمل معها ما يريدون زرعه، وقد يكون المطلوب قد وضع بشكل خفي أو ترك للمساعِدات والمتمِّمات التي يعتمدها المعلم أو غير ذلك من الأساليب.‏

المحور الثاني:‏

إيجاد البدائل المناسبة من خلال العمل الجاد على تطوير المناهج المحلية والقائمة على ثقافة أصيلة، على صعيد المحتوى والمنهجية والتقنيات والأدوات، مع المحافظة على الأصالة والدقة في إدخال القيم والمواقف والأهداف التربوية ضمن الكفايات الأساسية المقصودة، وتدريب الأجهزة التعليمية بما يمكِّنهم من العمل على تحقيقها في ساحة الدرس.‏

وبعبارة أخرى فإن أهم وسائل المواجهة هنا تتمثل في ملء الفراغ بما يحقِّق الحاجة وبما يفوِّت الفرصة على العدو لاستغلال الفراغ.‏

إنجازات المدرسة الإسلامية في لبنان خلال العقدين الأخيرين:‏

رغم حداثة التجربة يمكن القول أن المدرسة الإسلامية حقَّقَت عدة إنجازات في مجال تأصيل الثقافة والتربية وأهم ما أنجزته ما يلي:‏

1- فتحت الباب واسعاً أمام المزاوجة بين الدين والعلم وأبرزت حالة التكامل بينهما، على خلاف ما كان يُعمل على زرعه في أذهان الأجيال في الماضي من دعوى التعارض والتنافي بين الدين والعلم، مما دفع الكثير من الناس آنذاك للتخلي عن الدين ووصفه بالرجعية والتخلف، بينما ألجأ آخرين إلى التخوف من العلم.‏

ولكن الحقيقة أثبتت أن الدين الأصيل يدعو للعلم، والعلم يدعّم الإيمان، ولا يستغني عنه، إذ أن الدين يقوم بعملية الوصل بين نتائج العلوم المادية والعوالم المجردة أو ما وراء الطبيعة، ويربط الأشياء بأصولها ومبادئها، والأنظمة الكونية والسنن الطبيعية بمُجْريها وواضِعِها، حيث يعجز العلم بنفسه القيام بذلك.‏

كما أن العلم كلما تقدّم وتطوّر وأنتج للإنسان قدراتٍ جديدةً كلما زادت الحاجة للثروة الكبيرة من قيم الدين ومناهجه السلوكية التي هي وحدها القادرة على أن تحول دون استخدام نتائج التطور العلمي في الإفساد بدلاً من الإصلاح وفي التدمير بدلاً من الإعمار وفي القضاء على الإنسانية بدلاً من تعزيزها.‏

فالمدرسة الإسلامية من شأنها أن تؤسس لمنهجٍ متوازنٍ يضع التطور العلمي في الطريق الصحيح والسليم.‏

2- أتاحت المدرسة الإسلامية الفرصة للتعرف على الأديان السماوية ومبادئها وثقافاتها دون تشويه ودون اجتزاء، فحقّقَت فرصة متوازنة للطالب الذي كان في السابق يسمح له برؤية جانب من الحقيقة في أحسن الأحوال، ويسمع عن الدين من الطرف الآخر فيرى الأشياء من نافذة ضيقة، فتبهره أمور واقعها لا يبهر، وتنفره أمور أخرى واقعها لا ينفّر، لولا ذلك الاجتزاء أو التشويه.‏

3- قدَّمت المدرسة الإسلامية للطالب بيئة تربوية وإجتماعية سليمة نوعاً ما، تساعده على النمو بعيداً عن عوامل الفساد والانحراف الأخلاقي وتعينه على الالتزام بالقيم والأخلاق الإنسانية والإسلامية، ولا شك أن التربية من خلال المثال الصالح والقدوة الحسنة أكثر نجاحاً، كما أن البيئة الاجتماعية والأسرية لها كبير الأثر على إنجاح العملية التربوية، فالمدرسة الإسلامية تتولى تشكيل ذلك عندما تعمل على اختيار أساتذتها ومعلميها وتضع أنظمتها وأنشطتها بما يتناسب مع هذا الهدف.‏

لكن لا نخفي الصعوبات التي كانت ولا زالت تواجه المدرسة على هذا الصعيد مع غياب الجامعات ودور المعلمين التي من شأنها تخريج الأجهزة البشرية القادرة على أداء هذه المهمة الخطيرة والتي تحمل معها رؤية واضحة وقدرة فنية عالية، فتركت المدرسة الإسلامية تقوم بنفسها بإعادة تأهيل أجهزتها البشرية وفق حاجاتها وبحدود إمكانياتها المتواضعة، فنجحت تارة وأخفقت أخرى.‏

4- على مستوى المناهج (فيما عدا منهج التربية الدينية) قدّمت المدرسة الإسلامية حتى الآن مساهماتٍ متواضعةً في التأليف وفق الرؤية المتقدمة، لكنها مارست دوراً ترميمياً لجوانب الخلل والقصور وأكملت ما أتيح لها إكماله من جوانب النقص، وحذفت ما ينبغي حذفه ليأتي المنهج متناسباً في الحد الأدنى مع المبدأ الذي انطلقت منه.‏

المساهمات المنتظرة والمتوقعة في المستقبل‏

هنا، لا بد من الحديث عما يمكن للمدرسة الإسلامية القيام به ولو مستقبلاً بعد أن تذلّل العقبات وتوفّر الإمكانات اللازمة، تصبح هذه المساهمات أكثر إلحاحاً في ظل المخططات الأميريكية الرامية إلى إحداث تغييرات في المناهج التربوية في دول العالم الثالث تخدم أهدافاً توسعية تقوم على أساس التغيير الثقافي:‏

1- بإمكان المدارس الإسلامية أن تتعاون على تشكيل إطار تجمُّع لها يقع على رأس اهتماماته تكوين رؤية موحدة تسوّق في دوائر التخطيط والقرار التربوي الرسمي في لبنان للتأثير على مسار الأنظمة والقرارات التربوية الرسمية بما يوجد سداً في مواجهة الهيمنة الأميركية على المناهج التربوية في لبنان.‏

وهذا أمر ممكن لأن المدارس الإسلامية التابعة لمؤسسات أو التابعة لأفراد باتت بمجموعها تمثّل كتلة لا يستهان بها، خاصة إذا تمكَّنَت من توسيع دائرة التأييد في أوساط المدارس التابعة لطوائف أخرى.‏

ولا بد من الإشارة إلى أن واقع المناهج التربوية في لبنان، في ظل غياب الرؤية الثقافية الأصيلة عند السياسيين، جاءت في كثير من الأحيان استنساخاً للمناهج التربوية الغربية، وليس هناك أدلّ على هذا الواقع من سياسة التعامل مع اللغات الأجنبية التي تعتبر لبنان بلداً ثنائي اللغة بل ثلاثيّها، وهذا الأمر انعكس سلباً على اللغة العربية.‏

هذه ليست دعوة للتخلي عن اللغة الأجنبية، وإنما هي إلفات إلى ضرورة التعامل معها وفق رؤية وسياسة تقوم على فهم دقيق للهدف والمراحل والقدرات.‏

2- الدخول إلى عالم تأليف ونشر الكتاب المدرسي الذي يراعي الشروط والمواصفات الحديثة ويجسّد الثقافة والمرتكزات الفكرية والأخلاقية والقيمية الأصيلة ويعتمد منهجية تربوية متقدمة.‏

ليست المشكلة اليوم في توفّر الخبرة أو الأجهزة البشرية، بل في كيفية الاستفادة من هذه الخبرات وآلية استثمارها، فنحن قادرون على منافسة ما يطرح، وبالتالي توفير الكتاب المدرسي الملائم من حيث المضمون والأسلوب والإخراج والوسائل المساعدة والمكمِّلَة، وما إلى ذلك، شرط توفير الإمكانات المادية واللوجستية، وهذا الموضوع له أولوية كبرى في الوقت الحاضر.‏

3- بإمكان المدرسة الإسلامية إذا اعتمدت التوزيع على أساس الكفايات أن تُدخل في الكفايات الخاصة بكل صف وبكل مادة، القيم الإسلامية والإنسانية المتناسبة، والتي يتم اختيارها بدقة فائقة لتلائم المرحلة العمرية والمادة الدراسية، ويوضع لها طريقة تربوية مؤثرة ونشاطات متناسبة من شأنها أن تنتقل باهتمامات المدرسة من المجال المعرفي إلى المجال السلوكي التربوي، وهذه الخطوة يمكن تطبيقها في عرض الكتب والمناهج الحالية كمشروع ترميمي وتكميلي. إذا حصل هذا فمن شأنه أن يحدث تغييراً جذرياً في النظرة إلى دور المعلم واهتماماته التربوية، ولكنه يفترض وجود مهارات خاصة عند المعلّم ينبغي اكتسابها وتأهيله عليها ليصبح قادراً على أداء الدور بنجاح.‏

4- على مستوى التربية الدينية التي كانت البداية في إطلاق المناهج التربوية الإسلامية، حتى الآن اقتصرت غالباً على المجال المعرفي التلقيني، ولذا، عجزت عن تأدية دورها المطلوب بالشكل الكامل، فمن الواجب توسيع دائرة اهتمام المنهج ليدخل فيه كفايات تتجاوز المجال المعرفي إلى المجال الوجداني والسلوكي العملي وتحديث الطرائق المعتمدة ليدخل فيها من النشاطات ما يجعل الطالب يكتشف ويحلّل ويتخذ موقفاً ويتعاطف ويبني سلوكاً والتزاماً تجاه كل ما يمر به في المنهج.‏

إن تحديث التربية الدينية في المنهج والطريقة والوسائل بات أمراً ضرورياً جداً، خاصة مع المقارنة بالمناهج الحديثة التي تمتلك قدرة على الجذب وإثارة الاهتمام وتفعيل دور المتعلم على حساب التلقين.‏

أضف إلى ان المرحلة الثانوية التي تمثّل مرحلة التشكُّل الفكري للطالب تكتسب حساسية فائقة، مما يعني ضرورة تلبية المنهج لاحتياجات المرحلة مع مراعاة الدقة في صياغة المجال الفكري والعقائدي بحيث يعالج كل القضايا التي تثير اهتمام الشاب، وتجيب على تساؤلاته.‏

في الختام.. أجد أن عقد مثل هذا اللقاء – بحد ذاته- يمثِّل خطوة بالاتجاه الصحيح، لأنه يعبِّر عن مستوى الإحساس بالخطر ويضعنا جميعاً أمام المواجهة الصعبة، ولكي لا يكون المؤتمر مجرد صرخة ينبغي أن يتبع بلقاءات عملية تأخذ النتائج والتوصيات إلى ميادين العمل والخطط والبرامج.‏

 

 

 

 

الأربعاء, 19 حزيران/يونيو 2013 15:54

المدرسة وتحديات العصر

"المدرسة" وتحدّيات العصر الحاضر

من المؤكد أنّ المدرسة إحدى مؤسّسات المجتمع المهمّة والأساسيّة، التي تتولّى مسؤوليّة تشكيل ثقافة الأجيال الصاعدة، وإيجاد التواصل الفكريّ بين أبناء البشريّة طوليًّا وعرضيًّا، أي من جيلٍ إلى جيل، ومن قَرنٍ إلى قرن، على مدى الزمن، ومن أمّة إلى أمّة، ومن مجتمع إلى مجتمع، في العصر الواحد.

 

ولا نقصد بالثقافة هنا، العادات والتقاليد والرؤى الفكريّة فحسب، وإنّما نقصد كلّ ما يشكّل قاعدة ومنطلقاً لتحديد المسار العمليّ للجيل، فتدخل فيها القيم والمبادئ والعقائد، والمسلّمات والقدرات والاهتمامات، والتراث الفنّيّ والإبداعيّ وكلّ ما له مدخليّة بصياغة شخصيّة المجتمع، ورسم معالمه، وتحديد ما يمتاز به عن المجتمعات الأخرى.

وإذا كانت"المدرسة" في القرون الماضية مؤسّسة صغيرة في أغلب الأحيان، يديرها فردٌ واحد، ويطبعها بطابعه الخاصّ، ويصبّ ما يمتلكه من ثروة علميّة أو أخلاقيّة، أو فنّ يبرع فيه، أو مجال من مجالات الاهتمام، فإنّ المدرسة المعاصرة باتت مؤسّسة أكثر تنظيماً، وأكثر تأثيراً في تحقيق هذا الهدف السامي والخطير في آنٍ معاً.

إلاّ أنّ المدرسة "كمؤسّسة تربويّة" في العصر الحاضر، تواجه عدّة تحدّيات، من أهمّها:

أولاً: الاهتمام بالتراكم الكمّيّ على حساب الناتج النوعيّ، حيث إنّ توسّع العلوم العصريّة، وسيطرة هاجس الثورة الصناعيّة على عقول وأذهان القيّمين والمخطّطين وذوي القرار، دفعهم إلى إيلاء العلوم التجريبيّة ذات الصلة بالمادّة والصّناعة، أكبر الاهتمام، على حساب العلوم والمعارف العقليّة والفلسفيّة والاجتماعيّة والأدبيّة والكلاميّة.

ثانياً: غلب على المدرسة الحديثة الاهتمام بالمكتسبات المعرفيّة على حساب القدرات، وعلى حساب الجوانب التي تشكّل شخصيّة الإنسان، الذي سيسخّر المكتسبات العلميّة، فأُهملت القيم الإنسانيّة الأصلية، وعواملُ تشكّل شخصيّة الإنسان السويّ، المستقلّ، الواثق بنفسه، والقادر على الإبداع والفهم الدقيق لأسرار الوجود، وبالتالي القدرة على صياغة مسارات الحياة بما يتوافق مع المبدأ والمعاد وفي سياقهما.

ثالثاً: من التحدّيات التي واجهتها المدرسة في كثير من الأحيان اعتماد الناس عليها كجهة وحيدة مسؤولة عن إحداث التغيير المنشود في أبناء الجيل الصاعد، رغم أنّها وبالظروف القائمة والإمكانات المتاحة، لا تستطيع أن تكون أكثر من شريك يساهم في تحمّل هذه المسؤوليّة إلى جانب الأسرة ومواقع التأثير الأخرى في المجتمع بدرجات متفاوتة.

وكلّما زادت العمليّة التربويّة تعقيداً.. وكلّما زادت المخاطر الثقافيّة والأخلاقيّة المحدقة بالجيل.. ازدادت الحاجة لتضافر الجهود، وتكامل الأدوار، من أجل حماية أبنائنا وتوفير بيئة تربويّة واجتماعيّة وأسريّة سليمة، تساعده على تجاوز كلّ المخاطر والتحدّيات حتى الوصول إلى مرحلة النضج.

 

 

 

الأربعاء, 19 حزيران/يونيو 2013 15:53

انتبه!

انتبه!

- إنّ الذي يمدحك بما ليس فيك وهو راض عنك.. سيذمّك بما ليس فيك عندما يسخط عليك..
حاولَ أحد الموظفين إيهام مَن حوله بأنّه شخص مهمّ.. فلمّا طرق رجل عليه الباب سارع الموظف إلى حمل سمّاعة الهاتف متظاهرًا بأنّه يكلّم شخصًا مهمذًا..ولمّا دخل الرجل قال له الموظّف:"تفضّل اجلس، ولكن انتظرني لحظة فأنا أحاول حلّ بعض المشاكل.." وبدأ يتظاهر بأنّه يتكلّم بالهاتف لمدّة دقائق.. ثمّ أغلق السمّاعة وقال للرجل: تفضّل ما هو سبب زيارتك؟
فقال الرجل: "جئت لإصلاح الهاتف يا أستاذ"!!
فلْنقبلْ أنفسنا كما نحن.. فإنّ الناس تكره المتصنـّع..
- أحسّ رجل بأنّ عاملاً فقيرًا يمشي خلفه.. فقال الرّجل في نفسه: " إنّ هؤلاء الشحاذين دائمًا يلاحقوننا ليطلبوا مزيدًا من المال..!"
فقال العامل الفقير للرجل: عفوًا يا سيّدي..محفظتك سقطت منك..
"
فلْنحسنْ الظنّ بالآخرين"
نحن نعلم أنّ للطاولة أرجلاً ولكنّنا نتقبّل أنّها لا تسير..
ونحن نعلم أنّ للقلم ريشة ولكنّنا نتفهّم أنّه لا يطير..
ونحن نعلم أنّ للساعة عقارب ولكنّنا متأكّدون من أنّها لا تلسع..
ونحن نعلم أنّ للباب يدًا ولكنّنا لا نريد منه أن يصافحنا..
ونحن نعلم أنّ كثيرًا ممّن حولنا لهم قلوبٌ ولكنّهم لا يشعرون بنا.. فلْنتقبّلْ ذلك.. فأهمّ شيء أنّ الله معنا..

 

الأربعاء, 19 حزيران/يونيو 2013 15:50

كيف نقي الطفل من الإصابة بالإتكالية؟

كيف نقي الطفل من الإصابة بالإتكالية؟

الحكمة المأثورة "درهم وقاية خير من قنطار علاج" تنطبق على الصحة النفسية، كما على الصحة الجسدية، والصحة النفسية لم تعد تتناول صحة العقل والتفكير فحسب، كما كان الأمر في الماضي، وإنما الصحة العاطفية والإجتماعية والروحية أيضاً، لما لها من تأثير، على سلوك المرء تجاه نفسه وتجاه مجتمعه وتجاه خالقه، يجعله سوياً مقبولاً، أو غير سوي وغير مقبول.‏

في هذه العجالة، نتناول "الاتكالية" بوصفها واحداً من السلوكات غير السوية، بوحي من الحكمة السابقة الذكر، أي بهدف وقاية الناشئ من الإصابة بها.‏

أعراض الاتكالية:‏

أهم السلوكات الملموسة التي تشير إلى الإصابة بهذا المرض هي التالية:‏

1- طلب المساعدة باستمرار، حتى في الأعمال التي لا يعوق الناشئين عائق عن إنجازها بأنفسهم، كالعناية بنظافتهم ولباسهم وطعامهم وترتيب غرفهم وكتبهم ودرس دروسهم وكتابة فروضهم أو الذهاب إلى الدكان لشراء بعض حاجياتهم، وغيرها من الأعمال أو المهمات التي يفترض بالناشيء أن يقوم بها بنفسه بعد نضوج استعداداته وتمرينها بما يكفي لتحقيق المهارات الضرورية لإنجازها.‏

2- طلب المشورة باستمرار حتى في الخيارات التي لا يعوقهم عائق عن تقريرها بأنفسهم كاختيار نوع الطعام أو اللباس أو اللعب، أو الدمية، أو مكان الدرس، أو توقيته، أو الأشخاص المفضلين للخروج معهم بنزهة وغيرها من الخيارات التي يفترض بالناشيء أن يصبح قادراً على تقريرها بنفسه، تبعاً لنضوج استعداداته للمقارنة بينها والمفاضلة والاختيار.‏

3- ضعف المبادرة والثقة بالنفس والعجز عن ممارسة الاستقلال، إذ يلاحظ أن من تبرز لديهم السلوكات الملموسة المشار إليها لا يلجأون إلا نادراً إلى محاولة إنجاز عمل أو تقرير خيار بأنفسهم، وهم دائماً محتاجون لا إلى من يساعدهم فحسب، وإنما إلى من ينبههم ويدفعهم إلى ذلك دفعاً، وهذا ما يشير إلى ضعف المبادرة، إن لم يكن إلى انعدامها. حتى بعد أن ينبه ويدفع إلى العمل أو الاختيار، نلاحظ لديه الارتباك والاضطراب والتردد والخوف، مما يشير إلى ضعف ثقته بنفسه أو بقدراته وإلى عجزه عن ممارسة استقلاليته.‏

4- الاعتماد على الآخرين في إشباع رغباته، إذ من الطبيعي لناشيء تعوّد على ما تقدّم أن يكون عاجزاً عن إشباع رغباته إلا بالاعتماد على الآخرين في ذلك.‏

5- اللجوء إلى وسائل طفولية، كالصراخ والبكاء والإضراب عن الطعام والتهديد بإيذاء نفسه للضغط على الآخرين كي يساعدوه في أعماله أو خياراته أو تلبية رغباته.‏

عرضنا لهذه الأعراض بصورتها النموذجية، لكنها، ككل ما هو نموذجي، تتفاوت من ناشيء إلى آخر في مدى حدتها، وبالتالي في مدى وضوحها.‏

الأسباب والوقاية:‏

إن أسباب ظهور هذه الأعراض تعود، في مجملها التي التربية التي يمارسها الأهل، في أوضاع خاصة (ولد وحيد، أو جاء بعد طول انتظار، أو صبي وحيد بين بنات، أو بنت وحيدة بين صبيان، أو يعاني من مرض أو إعاقة، أو غياب قسري عن الولد يشعر الأهل بالتقصير ويدفعهم إلى التعويض..) تؤدي إلى الخوف المبالغ به أو العطف الزائد على الطفل أو المبالغة بإشعاره بأهميته ومكانته، أو الشعور بالتقصير تجاهه من قبل الأهل أو من يقوم مقامهم، ما قد ينتج ممارسات تربوية تنتهي إلى توليد الأعراض المشار إليها:‏

فالخوف المبالغ به يجعل الأهل أو من يقوم مقامهم يمنعون الطفل من ممارسة أنشطة حسية- حركية، يتولد لديه الميل لممارستها، تبعاً لنمو استعداداته العصبية العضلية من دون مساعدتهم (المشي، الركض، الاستدارة، القفز، الحجل، ركوب الدراجة، اللعب مع آخرين..)، وذلك خوفاً من أي أذى يلحق به، ما يحرمه من اكتشاف قدراته ومحاولة تطويرها، وصولاً إلى تشكيل مهارات حسية- حركية تعطيه الثقة بنفسه.‏

والتدخل لمساعدته بصورة دائمة حتى بعد تأمين شروط السلامة والأمن، تحرمه من المحاولة المستقلة واكتشاف الخطأ والعمل على تجاوزه بنفسه، ما يضعف قدرته على الاستقلال.‏

والوقاية من كل ذلك تكون بترك الولد يمارس هذه الأنشطة بحرية واستقلالية ومن دون مساعدة إلا في الحدود الضرورية لتدريبه وتأمينه من الخطر.‏

كما تكون بتقديم الدعم له، أي بامتداح أي نجاح يحققه، وتقبل أي فشل يتعرض له، وتشجيعه على متابعة المحاولة وعدم مقارنته بغيره ممن ينجحون حيث فشل.‏

والعطف الزائد يدفع الأهل أو من يقوم مقامهم إلى إنجاز أعمال للطفل حتى عندما تبرز لديه الرغبة بمحاولة إنجازها بنفسه من مثل النظافة واللباس والطعام وترتيب السرير والكتب والألعاب... كما تدفعهم إلى اختيار ما يرونه ملائماً له أو مفيداً وعدم تركه يفاضل بنفسه ويختار تعويداً له على اتخاذ القرار... وإذا كان لابد من مساعدة فيجب أن تنحصر بالتشجيع والتعليم فحسب.‏

والوقاية تكون بدفعه إلى إنجاز هذه الأعمال بنفسه، وتشجيعه عليها ومساعدته على كيفية القيام بها (تدريبه) والإصرار على عدم القيام بها نيابة عنه إلا عندما يوجد ما يعوقه عن ذلك كالمرض مثلاً.‏

والمبالغة بإشعارالطفل بأهميته قد تجعله يستثمر موقعه هذا لفرض ما يريده على الأهل بشتى وسائل الضغط، بما فيها الوسائل المعتمدة في الطفولة المبكرة، كالبكاء والصراخ، والتظاهر بالمرض. والمبالغة بإشباع رغباته، تعويضاً عن شعور بالتقصير تجاهه قد تجعله عاجزاً عن تأجيل إشباع رغبة أو استبدالها بأخرى.‏

والوقاية تكون بالتجاوب مع طلبات الطفل، حتى لو بدت غير منطقية، فلا تقابل بالرفض السريع والحاسم أو التسويف والإهمال، بل تقابل بإظهار الاهتمام وتقديم أسباب مقنعة للرفض أو التأجيل واقتراح بدائل وإظهار أفضليتها، وبعد ذلك ممارسة الحزم، أي عدم الاستجابة لضغوط الطفل.. كما تكون بتعويد الطفل على تأجيل إشباع رغبة أو استبدالها بإشباع رغبة أخرى أفضل منها، وتوسل حاجته أو رغبته، لإرضاء أهله في مساعدته على النجاح في ذلك، لأن الرغبة في محبة الأهل وإرضائهم ذات فاعلية كبيرة بالنسبة للطفل في هذا المجال.‏

مهما كانت الأوضاع التي تجعل الأهل أو من يقوم مقامهم يشعرون بالخوف أو العطف أو التقصير تجاه الطفل، فعليهم أن لا يبالغوا في هذا الخوف أو العطف أو الشعور بالتقصير، فيحولوه إلى محبة خانقة تعرض ولدهم للإصابة بأعراض الاتكالية التي أشرنا إليها، لأنها تؤدي إلى قتل الشخصية وخنق قدرتها على التعاطي مع مهمات حياتها بثقة واستقلالية ومبادرة خلاقة.‏

إن الحب المحكوم بالحكمة والاعتدال، والمستنير بمعرفة الطفل واستعداداته المختلفة وما يساعد على إنمائها هو الحب المطلوب عموماً، وفي تربية الطفل بصورة خاصة، وفي تربيته على الاعتماد على نفسه بصورة أخص.‏

والله المسدد للصواب‏

 

 

 

الأربعاء, 19 حزيران/يونيو 2013 15:44

العَمَل الفَريقي

العَمَل الفَريقي

العمل الفريقي التعاوني هو شكل من أشكال التعليم– التعلّم المدرسي، يقسَم فيه التلاميذ مجموعـات يتعاون أفرادها على تنفيذ نشاط محدّد. يعتبر تفاوت معلومات

التلاميذ وقدراتهم من المسلّـمات التي يقف أمامها المعلّم حائراً عندما يقوم بعملية التعليم – التعلم. فهل يأخذ بعين الاعـتبار قدرات التلاميذ الأقوياء، أم الضعفاء، أم يعتمد على متوسط معلوماتهم المكتسبة ؟‏

إن اللجوء إلى العمل الفريقي يسمح بتكامل قدرات التلاميذ وتضافر جهودهم وصولاً إلى إنجاز النشاط المطلوب.‏

1- أهميته :‏

قال ابن سينا في معرض كلامه عن التعليم أن الولد يتعلم بشكل أفضل عن الولد، لكون الأولاد يتكلمون لغة واحدة و لأن " الصبي عن الصبي ألقن، وهو عنه آخذ وبه آنس" (1) .‏

عندما يشرح المعلم للتلاميذ مسألةً ما، وحين لا تصل الفكرة إلى بعض التلاميذ الضعفاء، تبيَن أنه من أنجح وسائل إيصال الفكرة إليهم هي أن يقوم زملاؤهم الأقوياء بشرحها لهم. فالولدُ المساعِد يشعر بأنه قادر على العطاء والقيام بدور المعلم بنجاح، وهذا ما يزيد ثقته بنفسه ويرسخ الأفكار المشروحة في ذهنه. أما التلميذ المساعَد فيشعر بالاطمئنان لأنه غير متروك لوحده ولأن اعتماد التعاون في المدرسة يعطيها جَوَّ الأسرة الواحدة.‏

إن التعليم – التعلّم يسعى إلى تنمية شخصية المتعلم بجميع أبعادها إضافة إلى إعداده للحياة الاجتماعية. وهنا تأتي أهمية العمل الفريقي في تنمية الروح الاجتماعية عند المتعلم، إضافة إلى أنه يتيح تفتُّح الفرديات المختلفة ويخفف في الوقت نفسه، من حدة التنافس وروح الفردية الأنانية. إن الفائدة الاجتماعية للعمل الفريقي تتخطى في أهميتها التربوية الوصول إلى الإجابات المطلوبة من النشاط.‏

2- أشكاله :‏

يأخذ العمل الفريقي أشكالاً عدة حسب الهدف الموضوع له أو شكله:‏

- إنجاز مشروع: مجلة حائط، تحضير رحلة، إنجاز مجسم، تلخيص كتاب...‏

- ورشة عمل WORKSHOP (عمل فردي وجماعي في وقت واحد): نقاش موضوع ما، إيجاد حل لمشكلة ما، تقديم اقتراحات حول أمر معيَن...‏

- حل تمارين تطبيقية أو الرد على أسئلة محددة (عمل فردي ثم جماعي) .

- ………

____________________________________________________________

(1) : التربية عبر التاريخ. تأليف د. عبد الله عبد الدايم. صفحة 258 طبعة 1987‏

3- متى يُنفّذ :‏

ينظم المعلّم العمل الفريقي من وقت إلى آخر ، حين تسمح له الظروف. يمكن للعمل الفريقي أن يكون تمهيداً لموضوع ما أو تطبيقات مكملة له. ويكون أيضاً في الصف أول الحصة أو آخرها أو خلالها كلها أو حتى بعد الدوام (حث التلاميذ على التزاور والالتقاء خارج إطار المدرسة، في البيوت أو الطبيعة أو المكتبات).‏

4- شروطه:‏

يحتاج العمل الفريقي إلى تنظيم دقيق حتى تتأمن له شروط النجاح، مثل: حسن توزيع الوقت المخصص لها وتشكيل المجموعات بشكل مناسب إضافة إلى السهر على حسن سير العمل والحوار:‏

أ- الوقت المخصص: ويتغير حسب الأهداف ولا يتجاوز الساعتين في العمل الفريقي داخل الصف. يوزع الوقت على الإجابات الفردية والنقاش الجماعي واستنتاج الخلاصات وتحريرها.‏

ب- تشكيل المجموعات: يؤلف المعلم المجموعات بطرق عدة:‏

- يقوم بالتوزيع مراعياً شروط ومواصفات منها: مستوى التلاميذ، جنسهم، سكنهم، طبائعهم...‏

- يترك أمر تشكيل المجموعات للتلاميذ. (كأن يحدد مواضيع العمل ويطلب إلى التلاميذ الانضمام إلى المجموعة التي يرغبونها).‏

- يشكّل المجموعة من تلامذة الصف الواحد أو من صفوف عدة.‏

- يراعي التنوع والحركة في تشكيل المجموعات.‏

ج- عمل المجموعة : تتكون كل مجموعة من 4 – 6 أشخاص، تختار كل مجموعة من بينها رئيساً أو منظماً (أو يعينه المعلم). ينظم رئيس المجموعة المداخلات ويحرص على مشاركة الجميع بشكل متكافئ، ويوجه الحوار والعمل في اتجاه تحقيق الأهداف والالتزام بالوقت المحدد.‏

يعيّن أو يختار في المجموعة، إذا دعت الحاجة مقرر يسجل نتائج عمل المجموعة وخلاصات أفكارها خاصة عندما يكون النشاط نقاشاً أو إبداء رأي حول موضوع محدّد.‏

يقوم المعلم بدور المنظم والمقرر العام أو ينتدب لهذه المهمات تلاميذ ليدربهم على هذه المهمات الدقيقة.‏

5- المعطيات المادية وحسن سير العمل:‏

يجب، من أجل حسن سير العمل الفريقي، الالتفات إلى بعض المعطيات المادية لما لها من آثار هامة على سلوك المشاركين مثل:‏

- تأمين الهدوء وإبعاد مصادر التشويش الخارجي (الضجة ودخول أو مرور أشخاص غرباء، قرب المجموعات من بعضها البعض .…) .‏

- تأمين بعض الرفاهية (مقاعد مريحة، إنارة كافية … ) .‏

- اعتماد شكل جلوس مناسب يؤمن التواصل ويؤمن للمشاركين رؤية وسماع بعضهم البعض. وحدها الطاولة المستديرة أو البيضاوية تؤمّن أفضل الشروط لإنجاح العمل الفريقي.‏

- تأمين المطبوعات والنصوص التي تعتمد في العمل الفريقي.‏

6- بعض الظواهر الأساسية في دينامّية الجماعة:‏

تظهر خلال العمل الفريقي على مستوى الفردي سلوكيات منها :‏

- إيجابية تسعى إلى خلق الانسجام داخل المجموعة وإتمام المهمة المحددة.‏

- سلبية، يعبر عنها بالانتقاد والعدوانية أو السكوت.‏

- قيادية يعبر عنها بالميل إلى لعب دور الزعيم المتسلط أو المناور.‏

- تبعية وتمتاز بالبحث عن رضى الآخرين.‏

يضاف إليها : محاولة الظهور وإثبات الوجود، التحدث عن الحياة الخاصة، عرض الآراء الشخصية على حساب أهداف العمل...‏

من المهم أن يكتشف المعلم هذه السلوكيات، وأن يجعلها تسير مع أهداف المجموعة دون كبت شخصية المشترك ودون التأثير على العمل الفريقي بشكل سلبي.‏

7- سلبيات محتملة للعمل الفريقي:‏

من سلبيات العمل الفريقي المحتملة:‏

أ- استغلاله من قبل بعض التلاميذ حتى لا يقوموا بأي جهد. فالأقوياء في المجموعة، أو الذين لديهم الرغبة في العمل منهم، يقومون وحدهم بالنشاط، أو يستأثرون به على حساب الضعفاء. إن حل هذه المشكلة، إن وجدت، ليس بالأمر السهل، قد يحد تدخل المعلم في تشكيل المجموعات والإشراف على عملها، من هذه السلبية المحتملة.‏

ب- قد يتسبب العمل الفريقي ببعض الفوضى والإرباك في الصف، ولكن هذا الاحتمال يخفف تدريجياً مع التدريب ومرور الوقت. إن تعوّد التلاميذ على العمل الفريقي من خلال تطبيقه في مختلف المواد، يزيد من إنتاجيته وفائدته.‏

ج- قد يؤثر العمل الفريقي اللاصفّي سلبياً في سلوك بعض التلاميذ الجدّيين، إذا وُضع معهم في المجموعة آخرون من ذوي المشاكل السلوكية. لا يمكن تجنب هذا الاحتمال إلا بعدم السماح بالعمل الفريقي غير المراقب والموجه من قبل المدرسة وضمن إطارها.‏

 

 

الرزنامة


حزيران 2024
الأحد الإثنين الثلاثاء الأربعاء الخميس الجمعة السبت
26 27 28 29 30 31 1 ٢٤
2 ٢٥ 3 ٢٦ 4 ٢٧ 5 ٢٨ 6 ٢٩ 7 ٣٠ 8 ٠١
9 ٠٢ 10 ٠٣ 11 ٠٤ 12 ٠٥ 13 ٠٦ 14 ٠٧ 15 ٠٨
16 ٠٩ 17 ١٠ 18 ١١ 19 ١٢ 20 ١٣ 21 ١٤ 22 ١٥
23 ١٦ 24 ١٧ 25 ١٨ 26 ١٩ 27 ٢٠ 28 ٢١ 29 ٢٢
30 ٢٣ 1 2 3 4 5 6
لا أحداث

مواقع صديقة

Image Caption

جمعية المبرات الخيرية

Image Caption

مؤسسة امل التربوية

Image Caption

مدارس الامداد الخيرية الاسلامية

Image Caption

المركز الاسلامي للتوجيه و التعليم العالي

Image Caption

وزارة التربية والتعليم العالي

Image Caption

جمعية التعليم الديني الاسلامي

situs togel omtogel dentoto https://dentoto.cc/ https://dentoto.vip/ https://dentoto.live/ https://dentoto.link/ densot toto 4d dentoto https://vlfpr.org/ http://jeniferseo.my.id/ https://seomex.org/ http://www.asibehealthy.com/ https://fayonthereds.com/ https://frusabor.com/ https://360-virtualtour.ca/ https://goglomobilespraytan.com/ http://lms.polbangtan-bogor.ac.id/eses/ https://americanmanifesto.org/ http://www.construccionsramilo.com/ https://icsdeet.poltekkesdepkes-sby.ac.id/ https://www.salcra.gov.my/en/ https://beercastleny.com https://fast.indihome.web.id/toto/ https://simaextension.unicartagena.edu.co/ https://revistamujeractual.com/ omtogel rupiahtoto https://blog.fennyonline.id/ https://poeandcompanybookstore.com/ togel online https://bnca.gov.bt/ https://elearning.sman1cicurug.sch.id/class/situs-togel/ situs toto dentoto omtogel rupiahtoto https://denslotgacor.id/ https://ipa.pasca.untad.ac.id/ https://smartcampus.seskoal.ac.id/lms/den-togel-toto/ http://ssobkd.ihdn.ac.id/users/-/rtp/ slot gacor https://siakad.iainutuban.ac.id/email/classes/dentoto/ http://siakad.iainutuban.ac.id/system/js/-/ThaiXMaxwin/ http://siakad.iainutuban.ac.id/aplikasi/totoslot/ https://sandbox.telkomuniversity.ac.id/dentoto-slot/ https://siakad.iainutuban.ac.id/api/mhs/shitam/ https://sirefka.jayapurakota.go.id/-/sbobet/ https://sirefka.jayapurakota.go.id/assets/demo/ https://srena.polri.go.id/pages/scampur/ https://disdik.kalteng.go.id/res/ https://bjbsekuritas.co.id/pdf/totoslot/ https://bjbsekuritas.co.id/assets/-/hitam/ https://bjbsekuritas.co.id/project/188bet/ https://bobaking.co.id/ https://bimasoft.co.id/