جاري تحميل الصفحة
مدارس المهدي

مساحة التلامذة

 

عَنْ وَطَن..ارتوى ياسمينه بالطّهر سَأَحكي..

عن أبطال.. قدّموا أرواحهم فداء للحسين..

عن أب..وصّى صغاره أن سيروا على نهجي..

وللعالم أثبتوا أنَّ العقيلة لن تسبى مرتين..

لرجال الله..مجاهدين وشهداء..كل الجباه تنحني..

لكن.. لمفقود الأثر تدمى العيون ويشتدُّ الأنين..

و يتيمته جاءت بصغيرة الحسين تقتدي..

هي ذا رقية تلك الفتاة تيتّمت منذ أن كانت جنين..

 

 

اهداءالى الشهيد كمال بيز بمناسبة يوم الشهيد

 

الطالبة رنيم حيدرسرحان

 

أيها الشهداء

أيّها الشّهداء ...

تعودون على أهداب القمر الحزين

بيارق عزًّ ترتقي فوق السّحاب

ورايات فخر وكرامة تمخر عباب السّماء  

سلامٌ عليكم يامن قهرتم القهر

وأصررتم على النّصر

يا من رويتم الأرض بدمائكم

فسلام إلى ابتساماتكم الطّاهرة

يا أسمى ما في الوجود

يا وجودنا و كياننا و عزّتنا

يا أصحاب الحسين الذين لو وقّعتم على حبّه ألف مرة لما تراجعتم أبدًا ...

 

ملاك كاظم اسماعيل   

وانتصر حبّ الجهاد...

باسمه تعالى

المؤسسة الإسلامية للتربية والتعليم  مباراة الرضوان (6)          وحدة اللغة العربية

مدارس المهدي (ع) شمسطار                              العام الدراسي 2015\2016

فئة القصة القصيرة ( الفئة الثانية)

الاسم : فاطمة علي القرصيفي

الصفّ: التاسع الأساسي

 

وانتصر حبّ الجهاد...

تنفّس الصبح، فتناثر رذاذ الضباب العابق بلآلئ من لجين، ووشّح المكان والزمان، ثمّ نفخ على زجاج النافذة ليحجب الرؤية عن علي الّذي كان يحاول استطلاع أحوال الطقس في الخارج، مسح زجاج النافذة ليكشف عن مشهد حافل بحكايا الصمت، وتنهّدات الفرج. ..

عندها، أسرع إلى غرفة والدته، اقترب منها، طبع قبلة على جبينها، فتحت عينيها الذابلتين، فبادرها بتحيّة الصباح، وبعد دردشة واطمئنان، أخذا يستعدّان للتوجّه إلى المشفى.

وفي الطريق فوجئت الأمّ بالطبيعة البيضاء، فهناك طبقة من الثلج الناصع تغطّي أديم الأرض، والأشجار تلفّحت بردائها الأبيض وحنت رؤوسها خشوعًا لله. ..فما كان من عجلات السيّارة إلّا أن تمشي الهوينا وتتأنّى في سيرها درأً لمخاطر الإنزلاق على اللّوح الأبيض.

بعد مضي ساعة من الوقت، كانا في قلب المشفى، حيث استلقت الوالدة على سرير العلاج في قسم غسيل الكلى. وعلي يغمرها بنظرات الحبّ والاهتمام، وبعبارات التشجيع والتفاؤل الممزوجة بنكهة الفكاهة والدعابة، محاولًا إخراجها من دائرة الألم وشبح المرض وأوجاعه، أمّا الأم فراحت تلتهم بعينيها لطافة ابنها وتغمره بفيضٍ من حبّها وحنانها.

ما أروعه من مشهد! فقد شدّ انتباه الحاضرين من الطاقم الطبيّ، ولفتهم برّ علي، وعمق حبّه لوالدته، فبدا نجما يتألق بجماله الهادئ وخفّة ظلّه، وحضوره الّلّافت... وكلّما حضر الشابّ وأمّه كلّما تكرّر المشهد، وازداد إعجاب الحاضرين بصاحب الكاريزما المحبّبة. ...وأكثر الموجودين إعجابًا كانت نور، تلك الممرّضة البارعة. ..

إنّها فتاة جميلة تتميّز بقامتها الهيفاء! لباسها الأبيض وحجابها الأنيق يضفيان عليها لمسة من الرزانة ممزوجة بنكهة الخفر المرصّع بجواهر الحياء والغنج واللّطافة! يجمّل محيّاها الوضّاح جفنان متدلّيان على عينين خضراوين كروضة سندسيّة، تشعّان بنور النباهة والذكاء، ثغرها بسّام يعلوه أنف شامخ كشموخ الأرز، متواضع كسنابل الحنطة في موسم الجنى. أضف إلى ذلك طبعها الهادئ وصوتها الرخيم. ... فكانت عندما تقترب من مريضتها المفضّلة، يغضّ علي الطرف، ويشغل نفسه بهاتفه، إلّا أنّ كلماتها اللّطيفة تأبى إلّا أن تحبو على جدار قلبه الّذي شغف بحبّها وتعلّق بها. . أمّا هي فكانت تنتظر موعد علاج الحاجة أمّ عليّ كلّ أسبوع، كي يتسنّى لها رؤية ذاك الفارس الّذي استحوذ على تفكيرها، وتربّع على عرش قلبها النابض بعشق الجمال وحبّ الحياة.

وهكذا توالت الأيّام، وكبر الحبّ والهيام في قلبي الشابّة والشابّ، وكانت الأعين العاشقة تخطّ أبهى كلمات الوجد والوله، فلا حاجة لمداد الكلمات والمشافهة، ولا لقراطيس الرسائل المطبوعة بحبر اليراع، أو أزرار الهواتف ووسائل الاتّصال.

إلّا أنّ نور كانت تحجز في قلبها مكانًا لأمّ عليّ، يحتّم عليها متابعة علاج المريضة والاهتمام بها وتأمين دوائها أثناء التحاق ولدها المجاهد بمكان عمله الجهاديّ.

وفي يوم مفصليّ، كان الاعتراف سيّد الموقف! في ذلك اليوم الّذي كان محطّة فاصلة تؤرّخ ليوم جديد حفر بماء الذهب على ذاكرة الزمن. فحينما فاتحها بموضوع الزواج، ترقرقت في عينيها دموع الفرح.. .. أمّا هو فأكّد عليها أخذ موعدٍ من أهلها لطلب يدها. لكنّها اشترطت عليه أن لا يلتحق بمعسكرات المواجهة مع العدوّ حينما يستدعي الأمر، ففوجئ بطلبها الأنانيّ هذا، وما كان منه إلّا أن قال لها : لا تخيّريني بين حبّين : حبّ الجهاد في سبيل الدين والأرض، وحبّك أنت، فإن لم أكن وفيًّا لأرضي وديني لن أكون وفيًّا وأهلًا لك. أتمنّى لك حياة ملؤها التوفيق والسداد. وداعًا يا نور. ...

مشى فارس الفوارس، وراح قلب نور معه، وعيناها تشيّعانه إلى جادّة الطريق، حيث امتدّ ظلّه على كفّ الشارع، إلى أن توارى خلف ارتعاش القهر، وألم الفراق، وقساوة الموقف الّذي هزّ بوقعه الأليم غير المتوقّع كيان نور فسرى تحت الجلد كأنّه سمّ أفعى محكم السريان في الشرايين والعروق. ...

وطويت رزنامة الأيّام، ونور يعتصر قلبها الحزن، فتحاول غسل الأسى بدموع عينيها الحزينتين، يسامرها في جوف اللّيل شبح الأنين والجوى، ولوعة الأرق المثقلة بوجع الفراق وطول الغياب. ...الأمر الّذي انعكس على يوميّاتها، فهمدت نار اندفاعها في آداء عملها، وتثاقلت خطاها في ذهابها وإيابها في ممرّات المستشفى وكأنّ عينًا فارغة صوبّت سهام الحسد عليها فسلبتها حركتها المكوكيّة الّتي لا تهدأ، وحيّويتها المضمّخة بأريج عطاء يفوح بحبّها لمن حولها وتفانيها في عملها الإنسانيّ. إلّا أنّ ابتسامتها كانت تعود إلى ربوع وجهها الملائكيّ مرّة في كلّ أسبوع عندما تغمر الحاجّة أمّ عليّ، تشتمّ فيها رائحة توأم روحها، فتشبعها اهتمامًا وحبًّا وعلاجًا. ...وهي بدورها تأنس بها وتدخل السكينة قلبها الضعيف، وتستكين حركة يديها المرتجفتين، فهي من رائحة فلذة الكبد وحشاشة الروح. ...

أمّا علي فكان من موقعه الميداني يهاتف شقيقته باستمرار، يتابع حالة والدته الصحّية المستقرة، ويتزوّد بجرعة من الاطمئنان والتفاؤل عندما يتهادى إلى مسمعه صوت والدته، فكأنّه شلّال دفّاق من الحنان والسكينة ينهمر عليه، فيغسل غبار الفرقة ، ويمنحه هدأة الروح وصفاء الطويّة. فكم كانت كلمة " الله يرضى عليك يا ابني. ....تترك أثرها الفاعل في نفسه وتجلّله بكساء الخشوع والروحانيّة أثناء سجوده في محراب الكون،  ويعطيه دفعًا من القوّة والحماسة والحصانة، فتجده بطل الميدان يسحق الأعداء ويخلّفهم وراءه على أرض المعركة صرعى مقطّعي الأوصال، محقّقًا النصر تلو النصر. ..

ذات صباح ربيعيّ مشمس، استفاقت نور على صوت أوبرا موسيقيّة تعزف أعذب الألحان. التفتت إلى النافذة وإذا بسرب صغير من الطيور يصطفّ على حافّة الشبّاك، يتراقص بفرح على وقع شدوها المترنّم في الأرجاء. عندها هبّت نور من سريرها مستبشرة، وكأنّ طاقة غريبة تسري في عروقها، اقتربت من نافذتها وهي تمشي خلسة متباطئة الخطوات خوفًا من أن تبرح الطيور المكان وتغادر إلى فضائها الرحب. ...فكان لها ما أرادت. وبعد أن كحّلت عينيها بروعة المشهد، رفعت يديها إلى السماء وقالت: “اللّهمّ أخرج هذه الغيمة السوداء من قلبي، واحم كل المجاهدين وانصرهم، وفرّج همّي برؤية علي سليمًا معافى ".. .. ثمّ جهّزت نفسها واتّجهت إلى عملها بقلب مطمئنّ وروح متفائلة، فدعاؤها كان الدواء لكلّ داء. ..

وما هي إلّا دقائق معدودة حتّى التحقت نور بفريق العمل الطبيّ الّذي كان قد باشر بإجراء عمليّة جراحيّة لمريض حالته خطرة، فعمِل الطبيب على استئصال رصاصة كانت قد استقرّت في الكتف الأيسر قريبًا من قلب المريض، بعد أن عمل بإحكام على قصّ جزءٍ من الشاش الأبيض الّذي كان يغطي جسده الممزّق ، ورجله اليمنى، فالجريح قبل وصوله إلى المستشفى الّتي تعمل فيه نور كان قد خضع لعلاج واستئصال رصاصة من رأسه في المستشفى الميدانيّ التابع لخليّتهم، لهذا السبب كان معصوب العينين ملفوف الرأس ، لا يظهر من وجهه إلا أنفه وفمه، وجزءًا من لحيته الغضّة.

-للّه درّه من بطل! فكما كان يتحدّى الأعداء بإقدامه وشجاعته، ويتحدّى ساحة الوغى في انتصاراته الباهرة، كذلك الأمر في مواجهته للموت، كان صنديدًا جسورًا واجه الموت بكبرياء وعزّه، فهزمه، واستلقى على سريره ملكًا في جناح الأمراض الصدريّة، كأنّه لم يخسر كميّة من الدماء، ولا خضع للتوّ لعمليّة خطرة.

في اليوم التالي، كانت نور تتفقّد المرضى، بصحبة زميلتها الّتي تعطي الدواء وتغيّر الأمصال، وتستمع إلى شكواهم. دخلت غرفة البطل، ألقت عليه التحية وقالت: " كيف حال مريضنا اليوم؟" فلم تكد نور تنهي كلامها حتى استدار بسرعة كاد من خلالها أن يفلت المصل من يديه، متسائلًا: " نور؟! أهذه أنت يا نور؟! فما كان من نور إلّا أن رجعت خطوتين إلى الوراء، وأستندت إلى الحائط، خوفًا من وقوعها على الأرض، فقد كاد يغمى عليها. ..وقالت بصوتٍ متقطّع: “علي حبيبي! يا روحي ومهجتي. ..حمدًا لله على سلامتك يا ساكن القلب والوجدان. عفوك حبيبي. سامحني. ..

-    وهل يخاصم المرء نفسه يا نور؟! أنت قلبي وروحي الّتي بين جنبيّ. ..أنت رفيقة الدرب وتوأم الروح. ....

 

عطر الزيزفون

مباراة القصة القصيرة                                          المهدي (ع) -شمسطار

الفئة: التاسع والحلقة الرابعة

الاسم: نرجس حمية

الصف: التاسع

 

عطر الزيزفون

شجرة الزيزفون لا تزال هناك، زهرها أصفر، وعطرها أخّاذ، منثور على وهاد بلدة " الفاكهة" البقاعية، يرافق نسيمات الصباح إلى أهالي البلدة وهم ينطلقون إلى أرزاقهم، فتطيب الصباحات وتنشرح الصدور.

هناك بين الصخور وتحت السنديان وقرب الجداول تواجدا دوما. كانا يمتطيان صهوة النهار ويمضيان في دروب القرية وروابيها يلاعبان الفراشات ويرعيان أعشاش الطيور، يسلمان على الرعاة والمزارعين ويطاردان الغربان السوداء، حتى يأتيا على النهار، فيلوحان للشمس ولقرصها البرتقالي يغيب في سهل البقاع الخيّر.

ولا تلبث سويعات الفراق أن تنتهي مع خيوط النور الأولى، فآذان الفجر ساعة " إيليا" التي لا تخطئ والتي تؤذن بلقاء قريب مع صديق الروح "علي" ليبدأ مشوار جديد ويبدأ تسلّق شعاع الشمس الى الحقيقة.

يوما بعد يوم، نما الحب بينهما وربا وشبّ وشبّا معه، حتى غدوا مثالا يضرب في الإخلاص والوفاء والصداقة؛ ما يحب علي يعشق إيليا وما يؤمن به إيليا يوقن به علي، وحيثما تواجد أحدهما تواجد الآخر؛ خبُرا معا كل شيء وعاشا آلاما واحدة وتذوقا مرارات واحدة وضحكا ملء الأهداب لأحداث واحدة، وركنا الى الطبيعة، ركنا اليها حتى توحدا معها؛ ففيهما طهر مطر نيسان، ونقاء زهر اللوز، ووسامة طاقات الورد، وطيب الزيزفون، ووضوح الشمس.

وفي يوم انتهت أحلام الوصال، وتهاوت صروح اللقاءات، هام علي على وجهه وانطلق نحو جرود البلدة فارّا من واقع جديد، واقع لا يسجل في يومياته "إيليا"، ولكم كان مخطئا في تحديد وجهته، فكل ذرة تراب موطنا لهما وكل شجرة أسرة وكل صخرة حضن، وكل خطوة حكاية.

لم يفلح في تغييب ذكراه فبكى بكاء مرّا، بكى على مرأى من شواهد الزمن التي لم تلمه، وكان لبكائه نشيجا موجعا حملته الريح إلى كل الأوفياء، عاتبه: "إلى بيروت؟ وماذا في بيروت؟" ولامه: " كيف تتركني وكيف لا تودعني؟" وبرر له:" لك الفخر جنديا في جيش بلادنا".

في ذلك اليوم عاد خاويا من إنجازات وخاليًا من حدث، عاد وحيدًا يسمع لأنفاسه نغمًا شجيًّا ولقلبه دقات حزينة، وللنسيم بحة ناي من قصب، وكان لخطواته الثقيلة وقع رهيب لإنسان وحيد يعيش عزلة مرة وهجرانا مؤلمًا.

مرت الأيام وئيدة سقيمة، وضاق مسرح علي وإيليا لينحسر في شاشة زرقاء صغيرة، يتبادلان عبرها الرسائل القصيرة والوجوه الضاحكة، شاشة لا تتسع لأحلامهما وليست بحجم عالمهما الحقيقي، وعندما يضيق علي بهذا التواصل الجاف يتوجه الى مراتع طفولتهما عله يحظى بطيف إيليا، لكن لم يكن لرحلاته إلى البراري طعمها المعهود ولذتها الحلوة بل كانت مثار ذكريات وأشجان.

ذات يوم ألفى كل شيء متغيرا، الطبيعة واجمة وسكون بارد يلف المكان، لا دفء حياة ولا سريان روح في معالم الكون، التفت الى السماء فإذا بغمامات سوداء تحجب الشمس. ما الأمر؟ أين موسيقى الروابي لا يسمعها؟ لمَ لم تعزف الريح نشيد الخلود؟ التفت شمالا فرأى سحبا من الدخان الاسود وشم رائحة حقد وضغينة وسمع أصوات كذب وافتراءات، مد نظره الى الحدود السورية، فلاحت راية سوداء بلون الموت الزؤام، تتخذ شعار الوجود ستارا لزيفها ونفاقها.

انغرزت قدماه في الأرض رغم علمه بهجوم وشيك لأعداء الإسلام والإنسانية وتدفق الدم في شرايينه، لا، لن يبرح هذا المكان، هذه مملكته وإيليا، سيواجه ويقاوم ولو بقي وحيدا.

هبط الليل وتربع بدر الفاكهة في وسط السماء، ساكبا خيوط اللجين على نواحي البلدة، حارسا سكانها، تاليا التمائم لأطفالها.

قعد علي على الصخرة، وراح يترقب، يرهف السمع، لا شيء سوى موسيقى صرار الليل ,ولكن فجأة أحس بيد تمسك كتفه، التفّ بسرعة وجهز قبضته ليلكم المجهول الذي بادره:" لا تخف، أنا هنا لحمايتكم، عد الى منزلك ونم مطمئنا"

قفل علي راجعا، اجتاز الحقول ومر بين المنازل الآهلة، الآمنة المزنرة بالياسمين الناصع، المحروسة بالعذراء مريم عليها السلام, وصل الى البيت، لكنه لم ينم، تزاحمت الأفكار في رأسه، هاجمته الهواجس، واجتاحه القلق، وعندما لامس الكرى أجفانه سمع دوي انفجارات وإطلاق رصاص كثيف مزق سكون السحر وأوقظ العيون الهانئة.

هب علي الى خزانته، تناول سلاحه وانطلق نحو التلال وتبعه أبناء البلدة شبانا وشيبا ونساء، يحمون موطنهم ويدافعون عن انفسهم.

وصل الى تخوم البلدة وراح يبحث عن موقع مناسب للتصدي، وهو العليم بهذه المنطقة، فتوجه نحو شجرة الزيزفون وراح يترصد أقرب المهاجمين، عن يمينه ليوث حزب الله يشكلون حصنا منيعا في وجه الغزاة وعن يساره عناصر من الجيش اللبناني يزودون عن الأرض بكل ما أوتوا.

احتدمت المعركة وحدق الخطر بالتكفيريين، فازدادت وحشيتهم وأنشبوا مخالبهم في الأرض يحرقونها ويطلقون آخر رصاصاتهم الواهنة في محاولة يائسة للصمود، ولكن نيران اللبنانيين طالتهم في أوكار جبنهم، فتهاووا جيفا نتنة.

في غمرة انشغاله وتصديه، سمع علي أنة خفيفة، توجه نحو مصدر الصوت، وكانت خيوط النور بدأت تسري في الطبيعة,فإذا بجندي مستلق الى صخرة والدماء تغطي وجهه، هم علي بحمله الى فريق الإسعاف الحربي لكنه ابى وتشبث بالأرض وجذب علي نحوه، استشعر علي قوته، فتأكد من سلامته ومن بساطة جرحه، جذبه أكثر حتى سمع انفاسه، وهمس في أذنه : اشتقت لك يا علي"

-  إيليا؟

- نعم، إيليا، كنت واثقا أني سأجدك قرب شجرة الزيزفون، لذلك توجهت الى هنا مباشرة، لا تقلق، جرحي بسيط وقد مسحته بالتراب كما كنا نفعل بلسعات الدبابير.

تعانقا مطولا وضحكا وتنشقا عطر الزيزفون، وكانت الشمس قد بدأت تظهر لتعلن للعالم انتصار لبنان وهزيمة التكفيريين.

 عاد الصديقان وعاد الأهالي إلى بلدتهم مهللين، ليبدأوا نهارا جديدا مكللا بالبيلسان، عادوا ليجدوا كل شيء مكانه,ولكل شيء مكانته، المسجد هنا، والعذراء وطفلها بخير، وقهوة الصباح، وحقائب الطلبة ومحراث الفلاح...كل شيء بأمان.

 

دعوني…حيث الأضاحي

 

أسدل اللّيل أستاره,فاتّخذته جملاً و مضيت إلى هناك, حيث البطاح المظلمة و الأودية الموحشة .تُرى أين غادر الخلاّن و الأحبّة؟تجيبني الرّياح بدويًّ مرعب مخيف و كأنّها لبوة ضروس فقدت شبلها للتّو.أمشي غير آبهة بغضب الطّبيعة الهوجاء.أرفع بطرفي نحو العلاء فإذا بالسّماء السّوداء تلامس تلك الأرض الجرداء..أذهب بنظري إلى البعيد حيث الجبال تتجلجل بعباءة سوداء قاتمة تقشعرّ لها الأبدان.كلّ هذا و أنا أمشي,تأخذني قدماي إلى هناك حيث الأضاحي مستلقية تتوسّد الرّمال بكلّ هدوء و سكينة..أرى شيئاً يلمع من بعيد,أقترب رويداً رويداً فتتسمّر عيناي..رحماك إلهي!إنّه نحر الطّفل الرّضيع يستأنس بوجود أمّه الرّباب بقربه الّتي تقسم عليه أن يستفيق و لكن هيهات…شموع تبهر له الأبصار, تحيط بجسدٍ يعتمر عمامة الإمام الحسن الخضراء,صلوات وتكبيرات من كلّ حدبٍ و صوب و ملائكة تصعد و تنزل,في أيديها وعاء,إقتربت من دون وجل,فإذا هي تزفّ العريس و تحنّي له كفّيه الشّريفين..أتركه مع أمّه رملة الّتي تحتفي به..أسرع الخطى اﷲ اﷲ…فلقة قمر في ليلة تمامه مقطّعاً إرباً إرباً..عنده أمّه ليلى تلملم أشلاءه المقطّعة على الرّمضاء..أتوجّه نحو نهر الفرات:بطلٌ في ريعان الشّباب,و النّور يفور من وجهه كينبوعٍ جيّاش.. أين كفوفك سيّدي؟ولكن هيهات ما من مجيب...يتراءى لي من البعيد سوادة تدنو شيئاً فشيئاً.ترى من هو هذا الشّيخ الجليل الّذي يحبو على جسدٍ أ تخن بالجراحات يناجي ربّه بشفاهٍ يبست من شدّة العطش...نسوةٌ جليلات إتّشحن بالسّواد ينتحبن و يبكين,يهدّىء من روعهنّ ذلك الجليل الّذي يمسح التّراب و الدّم عن ذلك الجسد الطّاهر...تتقرّح عيناي,ينحني ظهري,يتجمّد الدّم في عروقي,يشيب شعر رأسي من هول ما رأيت...أستلّ بيرقاً كي أسند عليه طولي و يعلو صراخي:اﷲ أكبر اﷲ أكبر!فإذ بالعائلة مجتمعة حولي,تترقرق الدّموع في المآقي . يريد الجميع معرفة ما الّذي حصل معي..فأرمقهم بنظرة لومٍ و عتاب و أتمتم بكلمات لم أستحضرها قائلة:

دعوني هناك حيث الأضاحي000

إنعام محمّد السّعيد

في :11\2\2006

 

 

الرزنامة


آذار 2024
الأحد الإثنين الثلاثاء الأربعاء الخميس الجمعة السبت
25 26 27 28 29 1 ٢٠ 2 ٢١
3 ٢٢ 4 ٢٣ 5 ٢٤ 6 ٢٥ 7 ٢٦ 8 ٢٧ 9 ٢٨
10 ٢٩ 11 ٠١ 12 ٠٢ 13 ٠٣ 14 ٠٤ 15 ٠٥ 16 ٠٦
17 ٠٧ 18 ٠٨ 19 ٠٩ 20 ١٠ 21 ١١ 22 ١٢ 23 ١٣
24 ١٤ 25 ١٥ 26 ١٦ 27 ١٧ 28 ١٨ 29 ١٩ 30 ٢٠
31 ٢١ 1 2 3 4 5 6
لا أحداث

مواقع صديقة

Image Caption

جمعية المبرات الخيرية

Image Caption

مؤسسة امل التربوية

Image Caption

مدارس الامداد الخيرية الاسلامية

Image Caption

المركز الاسلامي للتوجيه و التعليم العالي

Image Caption

وزارة التربية والتعليم العالي

Image Caption

جمعية التعليم الديني الاسلامي

Homeالادارة
situs togel http://jeniferseo.my.id/ situs togel https://seomex.org/ situs togel toto 4d dentoto togel4d https://www.sabalansteel.com/ togel 4d situs toto https://dentoto.link/ https://dentoto.cc/ https://dentoto.vip/ https://omtogel.art/ https://dentoto.live/ situs togel situs toto toto 4d dentoto https://tfts.org/ https://152.42.182.72/ situs toto situstoto https://www.gala.itone.lu/ https://128.199.107.156/ https://panamerica.capuchinhos.org.br/ dentoto