بأقلامهم

مخطئ من يظن ان مهنة التعليم سهلة او من يخضعها للقياس المادي مع باقي المهن وان كانت الاخيرة شاقة ، بل ربما لا يصح ان نسميها مهنة في الاساس ، اذ يرتقي التعليم عن كونه مهنة يزاول فيها المعلم دورا محددا يعود بعده الى حياته الخاصة بلا تبعات تلحق به.

في الاعمال التي يزاولها الانسان يخضع فيها العامل لمجموعة من الادوار والمهام المحددة والمناطة به ، وغالبا ما تكون هذه الادوار والواجبات خاضعة لقوانين ونظم وضعية تحدد سير العمل بين ما هو مطلوب منه وما هو واجب عليه وتنتهي كلها بانجاز عمل ما او انتاج مادة او فكرة تخدم المؤسسة.

في التعليم الامور مختلفة تماما ، فالمعلم في رسالته يخوض ميدانا تتشابك فيه مجموعة مختلفة من المنظومات الحياتية ، ويتعامل مع شريحة من الطلاب والزملاء والادارات والشخصيات المتنوعة في مشاربها الاجتماعية والتربوية والقيمية والاقتصادية والبنيوية ، وعليه بين هذا وذاك ان يوازن عقله وسلوكه بما يتلائم مع هذه الشبكة المعقدة في التعامل وفي الدور المطلوب منه بما يخدم هدفه التربوية والتعليمي ، كل ذلك عليه ان يخضعه لميزان دقيق يتسابق فيه مع الوقت لينتج الاسلوب الذي يجده مناسبا لاحتواء تلميذ او موقف او فكرة او واجب.

ان المعلم في دوره المقدس عبارة عن دوامة صاخبة معقدة ومنظمة ومتعددة الاتجاهات تتصارع ديناميكيا لتوحد بوصلته الاخيرة نحو الانسان ، الانسان التلميذ ، الذي يشكل بحد ذاته ايضا وجودا متقلبا معقدا ، كل ذلك يحصل متخذا من الصف ميدانه ، ومن المادة التعليمية سلاحه ، قبل ان يبذل جهدا اخرا في العودة الى حياته الطبيعية نهاية الدوام المفترض.

حري بنا ان نجزم بان المعلم كاد ان يكون رسولا ، رسولا في اخلاقه وعطائه وتضحياته وقيمه وتفانيه.

الأستاذ محمد باجوق