جاري تحميل الصفحة
مدارس المهدي
الادارة

الادارة

ادارة موقع مدارس المهدي

البريد الإلكتروني: عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.
 
إحياءً لذكرى الشهداء، أقامت مديرية الثقافة والتربية الدينية في المؤسسة الإسلامية للتربية والتعليم لقاءً ثقافياً بعنوان: "شهداء على طريق القدس" مع فضيلة الشيخ عبد المنعم قبيسي في مبنى الإدارة العامة بحضور أعضاء مجلس الإدارة والعاملين.
 
 
 
 
   
 

باسمه تعالى

النص الكامل لكلمة الإمام الخامنئي في لقاء التعبويين بمناسبة "أسبوع التعبئة" خلال لقائه مع التعبويين بمناسبة «أسبوع التعبئة» في حسينيّة الإمام الخميني (قده).

      

بسم الله الرحمن الرحيم،[1] والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا ونبينا، أبي القاسم المصطفى محمّد، وعلى آله الطيبين الطاهرين المعصومين، [ولا] سيما بقية الله في الأرضين.

أيّها الإخوة والأخوات والتعبويّون الأعزاء، أهلًا وسهلًا بكم. أرحّب كذلك بالجموع التي احتشدت في مدن أخرى ويستمعون لهذه الكلمات، ونحن أيضًا نشاهد صورهم من هنا.

الحديث عن التعبئة طويلٌ، لكن باختصار: التعبئة تذكار ثمين من الإمام [الخميني] (قده) للبلاد. فالإمام هو مؤسس التعبئة ووالدها، وفي الوقت نفسه، يقول هذا الجليل: «إنني فخور بكوني تعبويًا»[2]. هذا هو شأن التعبئة. حسنًا، سأطرح بعض النقاط من حديث الإمام عن التعبئة.

النقطة الأولى أن منطق التعبئة جعلُ البلاد قوية بالحد الأقصى في مواجهة التهديدات والأخطار. هذا هو منطقها. لقد شخّص الإمام (رض) بِبُعد نظره أنه لكي تكون البلاد والشعب والثورة منيعةً هناك حاجة ماسّة إلى قوة شعبية شاسعة وعظيمة، ولأن الثورة ملك الناس، والبلاد كذلك، هُم مَن يستطيعون الدفاع عن بلدهم وثورتهم أفضل من أيّ عامل وعنصر آخر، شريطة أن يكون الطريق مفتوحًا أمامهم، والإمام حدد هذا الطريق: التعبئة. هذا هو منطق التعبئة. ولذلك، تأتي التعبئة لجعل إمكانية مقاومة البلاد عند الحد الأقصى أمام أي خطر وتهديد. كان هذا المنطق هو العامل الأساسي في تأسيس التعبئة، واليوم أيضًا هذا المنطق نفسه حاضر ومُحَدَّث. فاليوم أيضًا وجود التعبئة ضروري – بالتفصيل الموجود الآن وسأتحدث عنه باختصار – من أجل الدفاع الشامل المادي والمعنوي عن الهوية الوطنية وأمن البلاد ومصالح الناس.كما يؤكد سجل التعبئة خلال هذه السنوات الأربعين ونيّف صحة هدف الإمام، ويُظهر الدقة في بُعد نظره وبصيرته. أعزائي، مرّت هذه البلاد بأحداث كان لحضور التعبئة دور مصيري فيها، و«الدفاع المقدس» أحد نماذجها. قطعًا، لولا التعبئة الشعبية، لكانت نتيجة «الدفاع المقدس» مختلفة عما حدث وشيئًا آخر. إن حكاية «الدفاع المقدس» تجسيد عظيم للاقتدار الشعبي لهذه البلاد على هيئة التعبئة. حدث ذلك في حالات أخرى أيضًا، ولا نريد الإسهاب الآن.

 

النقطة التالية أن الإمام لديه توصيفات متنوعة بخصوص التعبئة. لقد اخترت توصيفين لأحدثكم عنهما. يقول الإمام في أحد المواضع:«التعبئة جيش الله المخلص»[3]، جيش الله المخلص! دققوا في الكلمات. ويقول الإمام في موضع آخر: «التعبئة مدرسة العشق»[4]. حسنًا، إذا وضعنا هذين التوصيفين جنبًا إلى جنب، فإن «جيش الله المخلص» يدل على أن التعبئة مقاتلة، فالجيش للقتال والحرب. ماذا يعني «كونها مقاتلة»؟ يعني أن تتمتع بالقوة المادية والجسدية، وكذلك بالإرادة والشجاعة الروحية، وأيضًا أن تعرف تدابير الحرب وأساليبها. من النماذج على ذلك أمير المؤمنين (ع) في مبارزته مع عمرو بن عبد ود حيث أظهر قوته البدنية وكذلك شجاعته وجرأته، وأيضًا حنكته الحربية، فيقول لعمرو بن عبد ود: «نقاتل - أنا وأنت - فمن هؤلاء؟»، فما إنْ التفَتَ، حتى ضربه الإمام. إذًا، إنها حنكة وتدبير حربي. لذا إن «كونها مقاتلة» يعني القوة المادية والروحية والفكرية. ثمّ «جيش الله المخلص»، فماذا يعني؟ يعني أن هذا الذخر العظيم والمغتنم ليس للتمكين الشخصي. فيمَ تُستخدم جيوش العالم؟ في أيّ طريق يمضون ويقاتلون؟ التعبئة تقاتل في سبيل الله وبإخلاص أيضًا، فهي متعلقة بالله على نحو خالص.إذًا، هذا هو البُعد القتالي للتعبئة، ويُظهر جانب استعراض القوة، و[جانب] {أشدّاء} (الفتح، 29).

من ناحية أخرى: «مدرسة العشق». التعبئة عاشقة ووالهة لكن هذا العشق ليس حبًّا عبثيًا ومضلًّا وسُدىً، بل حب بسعةِ مدرسةٍ وقابليتها. إنّ قابليته موجّهة ومنظمة، فماذا يعني؟ يعني محبة الله والروحانية والناس والطريق، إذْ تتحرك بحبٍّ في الاتجاه الذي تمضي إليه. هذا ما تعنيه «مدرسة العشق». هو لا يقول إن التعبئة عاشقة إنما: «مدرسة العشق»؛ إنها تدرّس الحب وتعلّمه مع توجّه محدد.

 

طبعًا، لم تكن هذه التوصيفات مجرّد كلام وتنظير، فالجميع شاهدوا حقيقةَ هذه الأمور في ميدان النزال أو المحبة. جميعنا رأينا ما كانت تفعله التعبئة. لقد سطّر عشرات آلاف التعبويين المخلصين والمجهولين - غالبًا - إنجازات مبهرة وأعمالًا عظيمة في ميدان النزال، وأدّوا أدوارًا حاسمة. أعزائي، أنتم لا تتذكرون مرحلة الحرب لكن نُشر بعض آثارها، فاقرؤوها وانظروا ماذا فعلوا وكيف اجتازوها وبأي نية دخلوا، وبأي عزيمة تصرّفوا، وكيف مضوا. لقد أدّوا أدوارًا حاسمة. بالطبع، كان لديهم قمم أيضًا، فقمة التعبئة هو سليماني، وصيّاد الشيرازي، وهمّت، وبابايي، وقمة التعبئة شيرودي، والشهيد همداني، ومئات من أمثال هؤلاء، من هذه الوجوه التي لا يمكن للمرء أن يرى أحدها في المجموعات المدوّنة عن أحوال شعوب العالم، وذلك الإخلاص، وتلك التضحية والشجاعة. هذا هو ميدان النزال، والجميع شاهدوه ولفتَ أنظارهم. يُمكنكم مشاهدة نزال التعبئة [في «الدفاع المقدس»]، فأولئك الذين [حضروا] رأوه من كثب، ثم في الميادين التالية. أنتم لم تروا «الدفاع المقدس»، لكنكم رأيتم الدفاع عن العتبات المقدسة، وكانت هناك ميادين وساحات أخرى، وكذلك شاهدتم ما فعلته التعبئة سواء في ميدان المحبة، أو في الخدمات الشعبية للتعبئة في الساحات كافة: ساحة الإعمار، والصحة، والكوارث الطبيعية، والعلوم والأبحاث.لقد كان الشهيد فخري زاده[5] – والآن ذكرى استشهاده – تعبويًا، والمرحوم كاظمي آشتياني[6] أيضًا. ففي ميدان العلم، بَقرَ هؤلاء حدود العلم في البلاد، وبعضهم تخطّوا مستوى الحدود العالمية للعلم. أيضًا في ميدان التبيين وبث البصيرة أُنجزت أعمال مهمة. لذا، حينما قال الإمام: «جيش الله المخلص» و«مدرسة العشق»، شوهدت أمثلة ذلك بصورة واضحة وجليّة في ميدان العمل، وعلى أرض الواقع، ورأيناها جميعًا.

 

النقطة الثالثة: التعبئة ثقافة وفكر أكثر منها مؤسسة. وعليه، كل من قد قبلوا هذه الثقافة ومضوا في هذا الطريق، وجعلوا هذا الفكر سلوكهم، وحتى لو لم يكونوا داخل المؤسسة، هم تعبويون، وهذا يشمل جمهرة هائلة من الشعب الإيراني، مع أنه حتى أسماؤهم غير موجودة في مؤسسة التعبئة ولا مناصبهم. فما هذه الثقافة؟ ثقافة التعبئة أن تكون شعبيًا وملتزمًا، وأن تشعر بالمسؤولية، وألا تكون لاأباليًا إزاء قضايا البلاد الحالية والمؤثرة في مستقبل البلاد، فثقافة التعبوي أن تكون ثوريًا وتعرف قيمة الثورة ومعناها. ثقافة التعبوي ألّا تكون متهرِّبًا من القانون، وألّا تكون غير قابل للنظم، وألَّا تكون كاسرًا للأعراف. هذه هي ثقافة التعبوي. قد يكون التعبوي معترضًا على أمر أو حقيقة أو شخص ما، ولا إشكال في ذلك لكنَّه لا يكسر الأعراف، وهو لا يجد مع العدو – قلت سابقًا كذلك[7] - نقطة مشتركة.

ثقافة التعبوي هي تجنُّب العمل الاستعراضي وعمل الواجهات، فالأعمال العديمة المضمون جيدة للاستعراض فقط. حتى لو وضع التعبوي شيئًا في الواجهة، فهو شيء ذو مغزى وحقيقي، فما يُظهره خلفه معنى، وخلفه حقيقة. إنَّ التعبوي لا يُقدم على عمل استعراضي [بل] يعْقِد الهمَّة على عمل وحركة حقيقية. لا أعلم هل التفتُّم ودقَّقتم في هذا التقرير الذي قرأه قائد التعبئة المحترم؟ كان في هذه الموضوعات التي ذُكرت[8] موضوعات [مهمة] كثيرة؛ هذه الأمور حقيقية. إنها عمل حقيقي.

ثقافة التعبوي هي العطف على الضعيف، والصلابة في مواجهة الظالم، وخدمة الجميع، الجميع! فحينما أتى السيل، خاض التعبوي في الطين حتى ركبتيه، ومن أجل أن يُطهِّر بيتًا ضربه السيل وينظِّفه، لا يسأل صاحب البيت: ما اسمك، وما دينك، وما مذهبك، وما إثنيَّتك، وما مزاجك السياسي... لم يسأل عن [هذه الأمور]، بل مضى وخدم في أيَّ شيء كان، وأيًّا من كان. هذه مهمة.

ثقافة التعبوي هي الابتعاد عن التكبُّر والغرور. هذه هي ثقافة التعبوي. يكتسب الناس أحيانًا شأنًا ما وفق المكانة ويصير لهم اعتبار. فأن ننظر إلى أنفسنا ونرى أنهم يكيلون لنا الاحترام ويهتفون باسمنا ويقدِّمونَنا ويشيدون بنا، فنغتر بأنفسنا ونتكبَّر ونرى أنفسنا أسمى وأرفع، هذا يتعارض مع ثقافة التعبوي. يعلِّمنا الإمام السجاد في الصحيفة السجَّادية في دعاء «مكارم الأخلاق» هذا الأمر: «لا تَرفَعني في النَّاسِ درجةً إلَّا حطَطتَني عند نفسي»[9]، فمهما ارتفعت قامتكم بين الناس، تواضعوا عند أنفسكم ولا تغتروا في داخلكم.

ثقافة التعبوي هي الابتعاد عن المُطالبة، فأن نرى أنفسنا دائِني الثورة والبلاد والحكومة والناس والجار والصديق والمعارف والجميع، ولا نرى أنفسنا مَدِينين، هذا ليس ثقافة التعبوي. إنه ليس دائنًا بل يرى نفسه مكلَّفًا، وهو تكليفيّ النزعة ويسعى لأداء التكليف. التعبوي لا يستغل إمكانات المؤسسة لمصلحته. مَن في مؤسسة التعبئة تكون هذه الإمكانات التي تمنحه إياها المؤسسة أمانة في يده، وهو يصون هذه الأمانة بمنتهى العفَّة، وهو أمين.

 

هذه دروس لنا، والإمام الذي كان يقول: أفتخر بأني تعبوي، كان يتمتَّع بهذه السمات كلّها. كانت هذه الأشياء التي ذكرتها الآن مجسَّدة في وجود الإمام. [لقد] كان يرى نفسه مَدِينًا دائمًا، ويرى نفسه ضعيفًا دائمًا، ويرى الناس أرفع منه دائمًا. هؤلاء الشباب أنفسهم الذين كانوا يأتون ويقبِّلون يده ويذرفون الدموع كان يراهم الإمام أسمى منه! بمقدار ما عرفنا الإمام، ونحن شاهدناه من قُرب، لم يُقضَ من عُمره لحظة في خدمة شخصيته ومنصبه ومرجعيته وزعامته.

النقطة التالية، وهي الرابعة وكذلك مهمة للغاية، بُعد التعبئة العابر للوطن وللحدود.هذا أيضًا موجود في كلام الإمام. لقد لاحظتم أن الإمام يصطلح: «خلايا المقاومة العالمية»[10]، وهذه هي التعبئة نفسها؛ هي ليست تعبئتنا بل تعبئتهم هم، لكن الثقافة نفسها. إنَّ تأسيس خلايا المقاومة العالمية هذا تحقق، وأنتم تشاهدون الآن نماذج عنها في منطقتنا.

 

كُن إلى أن يشرق صباح حكومته         فما زال هذا من نتائج السحر[11]

تلاحظون في منطقتكم أنَّ خلايا المقاومة نفسها التي كان الإمام قد أنبأ بها وبثَّ بُشراها هي اليوم في سبيل تحديد مصير هذه المنطقة، فمصير منطقتنا هذه من يأخذ بتحديده هي خلايا المقاومة، ومن نماذج ذلك «طوفان الأقصى» هذا نفسه الذي سآتي على ذكره الآن.

قبل بضع سنين، قال الأمريكيون في قضية لبنان إنهم يسعون إلى تشكيل شرق أوسط جديد[12]. «الشرق الأوسط» يعني غربي آسيا هذا نفسه. يحب الغربيون والأوروبيون وأتباعهم أن يقيسوا كل شيء بالنسبة إلى أوروبا، فما هو قريب من أوروبا الشرقُ الأدنى، وما هو في الوسط الشرقُ الأوسط، وما هو بعيد عن أوروبا الشرقُ الأقصى، أي إنَّ محور المقايسة أوروبا. هذا ضمن تلك الأخطاء التي ارتكبوها، وقد تعلم الآخرون كذلك ويأتي [المصطلح] على ألسنتهم. [«الشرق الأوسط» يعني] غربي آسيا. قالوا يريدون أنْ يمنحوا هذه المنطقة، التي سمّوها «الشرق الأوسط»، خريطة جديدة: «الشرق الأوسط الجديد»، أي أن يقدِّم هؤلاء خريطة جغرافيا سياسية جديدة. على أي أساس؟ تأمين الحاجات والمصالح غير الشرعية لأمريكا. بالطبع، ما كان يريده هؤلاء ويسعون وراءه لم يتحقق. أراد هؤلاء القضاء على «حزب الله»، وهذا ما كان ضمن أهدافهم في الخريطة الجديدة لديهم: القضاء على «حزب الله». لقد صار «حزب الله» أقوى بعشرات الأضعاف بعد حرب الأيام الثلاثة والثلاثين. وأنا الآن أقول: عشرة أضعاف لأنني أحتاط، غير أنَّه غدا أقوى من ذلك. لقد أرادوا ابتلاع العراق ولم يتمكنوا. إن قصة العراق لهي قصة عجيبة. كان هذا قرار الأمريكيين، وهو أن يضعوا في العراق حكومة أمريكية، فوضعوا جنرالًا أمريكيًا[13] في السلطة، ثم وجدوا أن الأمور لا تتقدَّم مع الجنرال الأمريكي، فنحوه جانبًا، وجاؤوا إلى السلطة بأمريكي غير عسكري[14] ليكون رئيسًا للعراق، أي ليكون أمريكيٌّ رئيسًا أو سلطانًا للعراق بوصفه دولة! ثم وجدوا أنه لا يمكن، فوضعوا عراقيًا تابعًا لهم[15]، وذلك أيضًا لم يحدث [شيء معه] ولم يتقدم [بالأمور]، إلى اليوم. إنَّ خلايا المقاومة في العراق تدخل اليوم في وقائع فلسطين، وتتخذ الحكومة العراقية موقفًا بصلابة، أي ما كان قد أطلق الأمريكيون عليه «الشرق الأوسط الجديد» يختلف 180 درجة عمّا هو اليوم.كانوا يريدون ابتلاع العراق دفعة واحدة ولم يتمكنوا، ولم يتحقق ذلك. كانوا يريدون السيطرة على سوريا وجعلوا وكلاءهم باسم «داعش» و«جبهة النصرة» ومن هذا القبيل ينقضون على الدولة، وكذلك حرّضوا باستمرار نحو عشر سنوات، ودعموا وقدموا الأموال والإمكانات، ولم يحدث [ما يريدون].

 

لقد أخفقوا، أخفقوا بالكامل في تحقيق «الشرق الأوسط الجديد» الذي كانوا يرومون خلفه. كان من أجزاء «الشرق الأوسط» ذاك أن يُصفُّوا القضية الفلسطينية لمصلحة الكيان الغاصب، لكي لا يبقى بعدها من الأساس شيء باسم فلسطين. حتى [حل] الدولتين الخائن ذاك، الذي أقروه سابقًا، نكصوا عنه، ولم يستطيعوا، ولم يتحقق. انظروا الآن كم اختلفت مكانة فلسطين عن عشرين سنة خلت! ماذا كانت فلسطين قبل عشرين عامًا وما هي اليوم، وماذا كانت «حماس» قبل عشرين عامًا وما هي اليوم. نعم، إنَّ الجغرافيا السياسية للمنطقة في سبيل التبدّل الجوهري لكن ليس لمصلحة أمريكا [بل] لمصلحة جبهة المقاومة. نعم، إن خريطة الجغرافيا السياسية لغربي آسيا تغيَّرت لكن لمصلحة المقاومة التي انتصرت. كان الإمام قد فهم وقدَّر [الأمور] جيدًا. لقد استطاعت خلايا المقاومة أن تغير جهة الحركة لمصلحتها وأن تبدلها.

لهذه الخريطة الجديدة سمات، وسأعدّد لكم بعض سماتها. إنَّ هذه الخريطة الجديدة الآخذة بالسيطرة على هذه المنطقة بالتدريج لها سمات عدة. سمتها الأولى اجتثاث أمريكا. فما معنى «اجتثاث أمريكا»؟ أي نبذ الهيمنة الأمريكية على المنطقة. ليس معناه قطع العلاقات السياسية مع أمريكا، ولا أن ننتظر الآن أو نتصور أن تقطع دول المنطقة علاقاتها السياسية [مع أمريكا]. لا، فهم يمتلكون علاقات سياسية مع الجميع، ولديهم مع أمريكا أيضًا، فليكن لديهم، غير أنَّ الهيمنة الأمريكية آخذة بَعدُ بالضعف يومًا فيومًا، فما كانت تريد أمريكا تحقيقه في الدولة الفلانية – في النفط والسلاح ومختلف العلاقات – آخذ بالزوال تدريجيًا، وقد زال كثير منه، وسيزول أكثر من هذا أيضًا. كانت أمريكا تتَّبع سياسة منذ سنين خلت، وكانت هذه السياسة نفسها الهيمنة على المنطقة، وكان دعم الكيان الصهيوني أيضًا الأداة الأساسية لهذه السياسة. وبقدر ما أمكنها، تدعمه وتطلق يديه وتحثّ الآخرين على إقامة علاقات معه. بالطبع هذه السياسة قديمة لعقود خلت، وقد شدَّدوا هذه السياسة قبل عقد من الزمن إلى عقدين، فمضوا خلف أفغانستان، ومضوا خلف العراق، وأرادوا بسط الهيمنة عبر احتلالهما [لكن] لم يستطيعوا. إنَّ السياسة والتوجه اليوم في هذه المنطقة هو اجتثاث أمريكا. من العلامات الجليّة والبارزة اليوم أمام الأعين «طوفان الأقصى» هذا. نعم، حادثة «طوفان الأقصى» هذه ضد الكيان الصهيوني لكنها «اجتثاث لأمريكا»، هذه الحادثة التاريخية. كانت حادثة «طوفان الأقصى» تاريخية بالمعنى الحقيقي للكلمة. استطاعت «طوفان الأقصى» أن تبعثر مشروع أمريكا في المنطقة، وإن شاء الله، وإذا استمر هذا الطوفان، فسوف يمحو المشروع الأمريكي.إذًا، كانت إحدى سمات التغيير لخريطة الجغرافيا السياسية للمنطقة أنَّه بدأ اجتثاث أمريكا، وقد بدأت بعض الدول التي كانت تابعة مئة بالمئة للسياسة الأمريكية الاختلاف مع أمريكا، وأنتم بطبيعة الحال ترون وتسمعون، وهذا سيستمر.

 

هناك سِمة أخرى هي أنّهم صنعوا ثنائيّات مزيّفة ومفروضة في المنطقة، وهذه الثنائيّات تلاشت. إنّ ثنائيّات «عربي وغير عربي»، و«الشيعة والسنّة»، وخُرافة «الهلال الشيعي» – خطر اجتياح الشيعة للمنطقة – وكان كلامًا تافهًا طرحوه، كلها تلاشت. من الذين قدّموا أكبر المساعدات إلى الفلسطينيّين في «طوفان الأقصى» وقبلها؟ كانوا الشيعة. شيعة لبنان والعراق والشيعة من العرب وغير العرب. هذه الثنائيّات المفروضة تلاشت وسادت بدلًا منها ثنائيّة جديدة في المنطقة: المقاومة والاستسلام. هذه الثنائيّة مطروحة اليوم في هذه المنطقة. ما الذي تعنيه «المقاومة»؟ تعني رفض الرّضوخ لغطرسة أمريكا وجشعها. هذه هي المقاومة. حسنًا، قد يقاوم بعض الأشخاص بنسبة مئة بالمئة، وآخرون بنسبة ثمانين بالمئة، وبعضهم بنسبة خمسين... على أيّ حال إنّ تيّار المقاومة وحركتها اليوم في المنطقة تيّارٌ واضح، في حين يقع «الاستسلام» في النقطة المقابلة له، وهو مُهينٌ ومذلٌّ للشعوب والحكومات.

 

هناك سِمة أخرى لخريطة منطقتنا الجديدة هي حلّ قضيّة فلسطين. إنّقضيّة فلسطين تتّجه نحو الحلّ، بتوفيقٍ من الله. ما الذي يعنيه «حلّ قضيّة فلسطين»؟ يعني بسط السيادة الفلسطينية على كامل أرض فلسطين. لقد طرحنا مشروعنا: استفتاء الفلسطينيّين. طبعًا، أولئك المحتلّون لا حقّ لهم لكنّ الفلسطينيّين أنفسهم، في أرض فلسطين أو داخل المخيّمات في الدول المجاورة لفلسطين أو سائر الأماكن حيث ما كانوا – هناك ملايين عدّة من الفلسطينيّين –، هم جميعًا يُمكنهم الإدلاء بأصواتهم. [الاستفتاء] منطقٌ مقبول وحضاري ويُمكن أن يتبناه العالم لإدارة فلسطين. طبعًا قد يقول بعض الأشخاص: حسنًا، ما تطرحونه يرفضه الكيان الصّهيوني ولن يرضخ له. نعم، نعلم أنّه لن يرضخ، لكن رضوخه ليس بيده ولا بإرادته. أحيانًا لا ترغب حكومة ما أو دولة ما في شيء معيّن لكنّه يُفرض عليها وتُضطرّ إلى تنفيذه. فإذا جرت متابعة هذه القضيّة – ستجري متابعتها، إن شاء الله – وفي حال أصرّت نوی هذه المقاومة على إرادتها وأظهرت عزمًا راسخًا وقرارًا جادًا، فسوف يتحقّق هذا الأمر دون أدنى شكّ. بناءً عليه إنّ حلّ قضيّة فلسطين أيضًا من تلك الخصائص التي سيشهدها غرب آسيا الجديد هذا، إن شاء الله.

يكذب بعض الأشخاص والمتحدّثين في العالم حين يتكلمون على آراء الجمهوريّة الإسلاميّة في المنطقة، ويزعمون أنّ إيران تقول: يجب أن ترموا اليهود والصهاينة في البحر. كلا، هذا ما قاله بعض العرب يومًا ما في الماضي، ونحن لم نقل هذا أبدًا. نحن لا نرمي أحدًا في البحر. إننا نقول إنّ الرأي رأي الناس، وإنّ تلك الحكومة التي ستتشكّل وفقًا لإرادة الشعب الفلسطينيّ هي من سيتّخذ القرار بشأن الناس هناك ومن جاؤوا من سائر الدول. قد يقولون: فليبقوا جميعهم في فلسطين – مثلما حدث في بعض الدول الأفريقية التي زرتها خلال رئاستي، فقد كان البريطانيّون يحكمون تلك البلاد واستطاع الناس المحليّون بنضالهم الانتصار والتغلّب على البريطانيين لكنهم أبقوا على أولئك في بلدهم، فقد ارتأوا مصلحة في ذلك وأبقوهم، وهؤلاء قد يُبقونهم أيضًا - وقد يقولون: كلا، فليرحل بعضهم، أو فليرحلوا جميعهم؛ القرار في أيديهم ولا رأي لنا في هذا الصدد أبدًا. حسنًا، هذا في ما يرتبط بهذه القضيّة. لأذكر كلمة [عن «طوفان الأقصى»]. «طوفان الأقصى» هذا حادثة مهمّة واستثنائيّة وقعت، فقرّبت الأهداف، وقرّبت المسار من بلوغ هذه الأهداف وسهّلته. تحقّق عمل عظيم، والكيان الصهيوني الذي تلاشت أعصابه وانهارت أراد أن يُخمد هذا الطوفان بقصف المستشفيات والمدارس والتجمّعات الشعبيّة وقتل الأطفال، فعجز ولن يتمكّن من ذلك أيضًا. لن ينتهي هذا الطوفان بارتكاب هذه الجرائم.أنتم تقرؤون الصّحف والمجلات وأمثالها، ولن أكرّر [ما ذُكر]، لكنّ الكيان الصّهيوني لم يحقّق أيّ هدفٍ من أهدافه، فراح ينكّل بأرواح الناس نتيجة غضبه وكونه غاضبًا، وهذا لم يُفده بشيء ولن يحقّق أيّ فائدة، بل سيُريق ماء وجوههم أكثر فأكثر.

 

هذه الحركة الوحشية والعديمة الرّحمة التي ارتكبها الكيان الصهيوني لم تُرق ماء وجه الكيان الصهيوني فحسب بل أراقت ماء وجه أمريكا أيضًا. لقد أراقت ماء وجه أمريكا ومعها عددٌ من هذه الدول الأوروبيّة المعروفة، بل أراقت ماء وجه حضارة الغرب وثقافته. إن ثقافة الغرب وحضارته هي تلك الحضارة نفسها التي تجعل رئيس البلد الفلاني يقف عند خمسة آلاف طفل شهيد بالقنابل الفسفوريّة ليقول إنّ «إسرائيل تدافع عن نفسها». هل هذا دفاعٌ عن النفس؟ هذه ثقافة الغرب! لقد أُريق ماء وجه الثقافة الغربيّة في هذه القضيّة. هذه الفجائع التي ارتُكبت خلال هذه الأيام التي قاربت الخمسين هي عصارة الجرائم التي يرتكبها الكيان الصهيوني على مدى 75 عامًا في فلسطين. لقد كثّفها الآن وإلّا فهو يرتكب دائمًا هذه الأفعال بصورة متواصلة على مرّ هذه الأعوام. إنه يقتل الناس ويطردهم من بيوتهم ويدمّرها، وهذه المستعمرات التي بنوها، أين كان بناؤها؟ أين بُنيت المستعمرات الصهيونيّة؟ لقد دمّروا بيوت النّاس والمزارع الفلسطينيّة وبنوا المستعمرات الصهيونيّة. قتلوا كلّ من وقف في وجههم، وقتلوه حتى لو كان طفلًا أو امرأة. هذا هو العمل الذي يفعلونه طوال 75 عامًا.

في رأينا، لا يُمكن إخماد «طوفان الأقصى»، إن شاء الله. فليعلموا أنّ هذا الوضع لن يستمرّ أيضًا، بحول الله وقوّته. 

حسنًا، انتهى كلامي، [لكن] أودّ تقديم بعض التوصيات إلى التعبئة. هذه التوصيات خاصّة بالتعبئة بصفتها منظّمة، وكذلك كلّ واحد من أفرادها. التوصية الأولى: ارفعوا مستوى بصيرتكم، سواء في ذواتكم أو لدى الآخرين. البصيرة قضيّة مهمّة.

التوصية التالية: أمسكوا بزمام الأمور في القضايا المهمّة ولا تنجرّوا إلى لُعبة العدوّ. عندما نتمتّع بالبصيرة ندرك دور العدوّ في هذه القضيّة فلا نتحرّك وفق خطّته، أي إننا – وفق التعبير الرائج – لا نَنجرّ إلى لُعبة العدوّ.

التوصية التالية: لا تفقدوا الأمل أبدًا في المستقبل، وحذارِ من أن تؤثّر فيكم الوساوس. إنّ الدليل الواضح على أهمية أن يكون الشاب اليوم مُفعمًا بالأمل دائمًا هو تحقيق هذا التقدّم كلّه رغم تعرّض بلده للحظر والحصار الاقتصادي على مدى أكثر من أربعين عامًا. ليس [في مجال] السلاح فحسب – عُرض على التلفاز ورآه الجميع – بل في قطاعات البلاد شتّى، على مستوى الخدمات أو توفير الإمكانات والرفاهيّة لمختلف القطاعات التي تهمّ النّاس كالتواصل والاتصال، والعلم والتكنولوجيا والإنتاج. لقد تحقّق تقدّم استثنائي. إنّ أنواع التقدّم هذه تحقّقت في وقت أغلق العدوّ – وفق ظنّه – أبواب التقدّم كلّها علينا كمنع التجارة والتصدير والاستيراد وعدد من هذه الأمور.لقد تقدّمت البلاد وسط هذه الظروف. حسنًا، في البلد الذي يتقدّم على هذا النّحو، هل يبقى موضعٌ لليأس؟ أنتم قادرون على فعل كلّ شيء. في مقدوركم التقدّم إلى الأمام مئة ضعف مما حقّقناه من تقدّم حتى الآن، بشرط أن تكونوا حاضرين في الميدان وتبذلوا الجهود وتعملوا، وأنتم تعملون.

 

التوصية التالية:اجتنبوا الغرور. لا تغترّوا، كما قلت لكم سابقًا. لا تغرنّكم أمور من قبيل: نحن مميّزون إلى هذا الحدّ، وأعزّاء إلى هذا الحدّ، وتعبويّون إلى هذا الحدّ، وهم يمدحوننا بهذا القدر، والإمام [الخميني] قال كذا وآخرون قالوا كذا... اشكروا الله على نيلكم التوفيق وأنّ الله وفقكم أن تكونوا تعبويّين. اشكروا الله واسألوه ألّا يسلبكم هذه النعمة.

التوصية التالية: لا تشعروا أبدًا بالعجز وغياب القدرة على إنجاز الأعمال الكُبرى. عندما نواجه عملًا مستعصيًا، فإذا ما شحذنا الهمم وتحلّينا بالصّبر وبذلنا الجهود، فسيُحلّ حتمًا ويُنجز. إنّ العلاج أمام الأعمال التي ننظر إليها باستعجال ونلاحظ أنّه لا يمكننا فعلها أن نشحذ الهمم ونتمتّع بما يكفي من الصّبر وألا نتسرّع وأن نبذل المزيد من الجهود. نحن قادرون حتمًا على إنجاز أيّ عمل كبير. لا تشعروا بالعجز أبدًا.

التوصية التالية: كما ذكرنا سابقًا، اجتنبوا الأعمال الظاهريّة والاستعراضيّة المفتقرة إلى المضامين. نعم يُمكن وضع بعض الأشياء داخل خزانة العرض وأمام المرآة، ولا ضير في هذا أيضًا، بل هو ضروريٌّ أحيانًا، لكن شرط أن يكون شيئًا ذا معنى.

التوصية التالية: إنّ هذه الصّفة والسّمة التي منحوكم إيّاها، أي صفة التعبئة وسمتها، أمانةُ الله لديكم. اعرفوا قيمة هذه الأمانة وكونوا أمناء وحافظوا عليها جيّدًا.

التوصية التالية: اجتنبوا ثنائيّات القطب الكاذبة، فدائمًا ما يفتعلون ثنائيّات قطب كاذبة في البلاد: مؤيّد لزيد، ومؤيّد لعمرو، ومؤيّد للفكر الفلاني، ومؤيّد [لفلان]... ما هذا الكلام! أولئك الذين يؤيّدون أسُسكم ومبادئكم ودينكم وثورتكم وولاية الفقيه وأمثال هذه الأمور هم إخوةٌ لكم حتى لو كان لديهم اختلاف ذوقيّ معكم أيضًا. إنّ التصريحات التي تُطلق في هذه الساحة الافتراضيّة من الأمور التي ينبغي للإنسان حقًّا أن يشتكي منها ويعاتب. يهاجم هذا ذاك وذاك هذا من أجل أمرٍ عديم القيمة! اجتنبوا هذه الأمور، ولا تمارسوا – أنتم التعبويّين – هذه الأعمال.

التوصية الأخيرة: استقطبوا القوى المخططة إلى جانب القوات التشغيليّة. هناك حاجة إلى التدبير والفكر والتخطيط قبل الشجاعة والرجولة والشهامة. تحرّكوا بتدبير.

ختام كلمتي أن توكّلوا على الله المتعالي؛ {وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ} (الطلاق، 3). أسأل الله أن يحفظكم جميعًا.

والسّلام عليكم ورحمة ‌الله وبركاته.

 


[1] في بداية هذا اللقاء، قدّم تقريرًا العميد غلام رضا سليماني (رئيس منظمة تعبئة المستضعفين).

[2] صحيفة الإمام (النسخة الفارسية)، ج. 21، ص. 194، نداء إلى الشعب الإيراني وقوات التعبئة البواسل بمناسبة أسبوع التعبئة، 23/11/1988.

[3] المصدر السابق.

[4] المصدر السابق.

[5] الشهيد محسن فخري زاده، العالم النووي والدفاعي للبلاد. استشهد في 27/11/2020 في منطقة آبسرد بدماوند.

[6] كان السيد سعيد كاظمي آشتياني من العلماء البارزين والمديرين البارزين من نمط الثورة الإسلامية، ومن الرواد المجاهدين في ابتكارات العلوم البيولوجية، ورئيس «معهد رويان للأبحاث». تمكنت إيران خلال إدارته من تحقيق نجاحات كبيرة مثل تطوير أساليب متقدمة لعلاج العقم وإنتاج الخلايا الجذعية الجنينية وتكثيرها وتجميدها، واستنساخ الحيوانات.

[7] كلمة في لقاء مجموعة من الطلاب، 26/4/2022.

[8] عدَّ غلام رضا سليماني (رئيس مؤسسة تعبئة المستضعفين) ضمن استعراض تقرير عن آخر إقدامات هذه المؤسسة في المجالات الثقافية والاجتماعية والأمنية والعلمية، «جهادَ التبیین» و«جهادَ الخدمة» و«جهادَ بثّ الأمل»، التوجهات الأساسية الثلاثة للتعبويين، مؤكدًا جهوزية هذه القوَّة للتصدي لأي تهديد ضد البلاد ومكافحة جرائم الكيان الصهيوني.

[9] الدعاء العشرون.

[10] صحيفة الإمام (النسخة الفارسية)، ج. 21، ص. 194، نداء إلى الشعب الإيراني وقوات التعبئة البواسل بمناسبة أسبوع التعبئة، 23/11/1988.

[11] أنوري، ديوان الأشعار، القصائد (مع قليل من الاختلاف).

[12] عرض رالف بيترز (مقدَّم متقاعد من الأكاديمية العسكرية الأمريكية) في مقالة بعنوان «الحدود الدموية» - نُشرت في 6/2006 في مجلة القوات المسلحة التابعة لهذا البلد - خريطة جديدة للحدود في غربي آسيا تحت عنوان «الشرق الأوسط الجديد»، وعدَّ التغييرات الصعبة في هذه المنطقة آلام الناس الضرورية للوصول إلى السلام والطمأنينة. ثم جرى هذا المصطلح على الألسن بدلًا عن «الشرق الأوسط الكبير»، في وقت عبَّرت كونداليزا رايس (وزيرة الخارجية الأمريكية آنذاك) في 21/7/2006 في تل أبيب عن الهجوم الذي شنه الكيان الصهيوني على لبنان - ضمن أحداث حرب الأيام الثلاثة والثلاثين – عن أنه «مخاض ولادة الشرق الأوسط الجديد»، وأضافت: «نحن مهما فعلنا، فعلينا أن نكون واثقين أنه ضغطٌ نحو الشرق الأوسط الجديد، لا عودة إلى الشرق الأوسط القديم».   

[13] جاي غارنر.

[14] بول بريمر.

[15] غازي مشعل عجيل الياور.

 

أحيت معاهد المهدي(ع) مناسبة ولادة السيدة زينب(ع) ويوم الممرضة المسلمة بسلسة من الأنشطة، ففي معهد السيد عباس الموسوي(رض) الفني العالي، زار وفدٌ من الكادر الإداري كل من مستشفى دار الأمل، ودار الحكمة، ومستشفى بعلبك الحكومي، ومركز التآخي الصحي، ومختبر الدكتور حمد حسن، حيث قدموا التهنئة بهذه المناسبة المباركة وأثنوا على جهودهم المعطاءة مع إدارة المعهد.

 

   

 

كما زار طلاب اختصاص العناية التمريضية في معهد الرسول الأعظم(ص) التقني وأساتذتهم، ثانويةالمهدي(ع) الحدث، في زيارة صحية تثقيفية توعوية، حيث تم تعريف التلامذة على حقيبة الإسعافات الأوليّةfirst aid kit وأهميتها ومحتوياتها، ووزعت منشورات تخدم الهدف نفسه.

 

    

 

 
 

النصّ الكامل لكلمة الإمام الخامنئي خلال لقاء مع اللجنة القائمة على المؤتمر الدولي لتكريم العلّامة السيد محمد حسين الطباطبائي في حسينيّة الإمام الخميني (قده).في تاريخ 8/11/2023

      

بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وآله الطاهرين، [ولا] سيما بقية الله في الأرضين.

أيها الإخوة والأخوات الأعزاء، أهلًا وسهلًا بكم.(1) أشكركم حقًا ومن الأعماق على إنجازكم هذا العمل العظيم. إن من أفضل الأعمال التي كان ينبغي أن تُنجز هذه الأيام وقد خطرَت في بالكم وألهمكم الله إياها فبذلتم لها الهمة وأنجزتموها تكريمُ هذا الرجل العظيم وهذه الشخصية التاريخية البارزة لعلماء الإسلام.

يُعدّ المرحوم العلامة الطباطبائي من الظواهر النادرة في حوزاتنا العلمية على مر القرون. إنه ظاهرة نادرة، للحق والإنصاف. يتمتع سماحته بِسمات - سأشرحها الآن بإيجاز - تُعدّ كلّها من الفضائل الممتازة لأيّ إنسان. إنّ السمات كافة التي تشكّل شخصية هذا الرجل هي من الفضائل الممتازة للإنسان. قددوّنت بعض هذه السمات وهي مثلًا: العلم، والتقوى والورع، والملَكات الأخلاقية، والذوق والفن، والصفاء والعشرة - الوفاء والصداقة والعشرة وما إلى ذلك - وغيرها كثير من السمات التي لم أرَ ضرورةً الآن لتعدادها هنا. مجموعة هذه السمات تشكّل شخصية هذا الرجل العظيم، وكل سمة منها فضيلة من الفضائل الإنسانية.

دونت بعض الجوانب من عِلم هذا الجليل لأذكرها كي يجري الاهتمام بها. إحداها مسألة التنوع المعرفي الواسع لهذا الرجل العظيم، أي إنصافًا، كان سماحته نادرًا في التنوع المعرفي. لدينا عبر التاريخ أشخاص مثل الشيخ الطوسي والعلامة الحلّي وأمثالهما من ذوي التنوع المعرفي، لكنهم قلّة في عصرنا إنصافًا، أي إنني لا أعرف غير سماحته بهذا التنوع. إنه فقيه وأصولي وفيلسوف وذو غَوْر شديد في العرفان النظري وعالم في «الهيئة»(2) والرياضيات، وعالم بارز في التفسير وعلوم القرآن - إنصافًا إنه منقطع النظير في هذا المجال - وشاعر وأديب، وهو ماهر ومؤثر في النسب وعلم الأنساب.فمن جملة الأمور التي يمكن أن يراها المرء إلى جانب فلسفة السيد الطباطبائي أو عرفانه هو علم الأنساب. لدى سماحته جدول يعرّف عائلة القاضي الطباطبائي. إنه جدول تاريخي، وهو – في رأيي - أثر فني من الدرجة الأولى، ولقد طُبعَ وبات متاحًا للناس. يكتب والدنا المرحوم إلى السيد الطباطبائي إذ كان صديقًا له منذ النجف، وقد حدّثني والدي بنفسه عن ذلك: اسألوا فلانًا - رجل مشهور في قم - أن يعدّ شجرة عائلتنا وحصّلوها وأرسلوها إلينا، فيكتب السيد الطباطبائي في الجواب: إنني أعرف بالمقدار نفسه أو أكثر منه. إحدى هاتين العبارتين ولا أتذكّر [أيّهما] الآن. أعدّ سماحته شجرة عائلتنا وأرسلها. أي أن شجرة العائلة التي لدينا الآن من إعداد السيد الطباطبائي. [إذًا] يلاحظ الإنسان في سماحته تنوعًا معرفيًا مذهلًا. الآن، على سبيل المثال، ذكرت الرياضيات و«الهيئة». تعلمون - أي ربما هذا مشهور – أنه هو من رسم مخطط مدرسة الحجتية الحالية، أي إنه معماريّ بكل معنى الكلمة، فهو معماري كامل. هذا التنوع جانب خاص من الجانب المعرفي للسيد الطباطبائي.

 

جانب آخر: عمقه العلمي والفكري. لدى سماحته عمق [كبير] في العلوم التي نعرفها الآن ولدينا اطلاع عليها. أولًا إنه صاحب مبنى في «الأصول». طبعًا لم أر أثرًا منه في الفقه، لكنه حقًا صاحب مبنى في الأصول، و[كتاب] حاشية الكفاية لسماحته يثبت [ذلك]. إنه في الفلسفة فيلسوف مبدع، فهو يقدم نظامًا فلسفيًا جديدًا يتجلى في [كتاب] أصول الفلسفة والمنهج الواقعي (3)، ثم هذين الكتابين اللذين ألفهما ونشرهما أخيرًا (4): «البداية»(5) و«النهاية»(6). في التفسير، إنه مفسّر مذهل في رأيي. أي إذا نظر أحد إلى تفسير الميزان، يُدرك أنه تفسيرٌ مذهل حقًا في كثرة المضامين وتنوعها وعمقها، وهو ما سوف أشير إليه لاحقًا. كان هذا جانبًا أيضًا، أي مسألة عمقه العلمي والفكري.

جانب علمي آخر لهذا الإنسان الجليل هو مسألة تربية التلاميذ. إن التربية لدى المرحوم السيد الطباطبائي أمرُ عجيب. هذا من فنون أيّ عالِمٍ. لدينا أشخاص من العلماء المربّين للتلاميذ ولديهم تلاميذ كُثُر، والمرحوم السيد الطباطبائي أحد هؤلاء. من بين فلاسفة المرحلة الأخيرة للفلسفة في إيران - في الحقيقة، كانت طهران مركز فلسفة البلاد – لا أحد من مرحلة المرحوم الملا عبد الله الزنوزي ونجله الشيخ علي الحكيم، ثم المرحوم الميرزا ​​جلوه(7)، والميرزا ​​أسد الله القمشئي(8)، هؤلاء الذين برزوا في الحكمة والعرفان وتمركزوا في طهران بصورة رئيسية وبعضهم في أماكن أخرى، مثل المرحوم الحاج السبزواري (9) في سبزوار، وشخص أو اثنين في قم، وشخص أو اثنين في أصفهان، وشخص أو اثنين في مشهد - هم الفلاسفة البارزون - لا أحد منهم لديه تلميذ بارزٌ ومشهورٌ وفيلسوفٌ بقدر المرحوم السيد الطباطبائي. نعم، على سبيل المثال الحاج السبزواري لديه تلاميذ كثيرون كانوا يأتون ليدرسوا عنده، فالمرحوم الآخوند الخراساني(10) كان تلميذه أيضًا لكنه لم يكن فيلسوفًا، إنما فقيه درسَ بعض الفلسفة. تربية تلميذ فيلسوف مثل الشهيد مطهري، ومثل الشهيد بهشتي، ومثل المرحوم الشيخ المصباح وآخرين، ومثل بعض الفضلاء اليوم،

أيْ لا أعرف أيّ شخص آخر لديه تلاميذ بعدد الذين استفادوا من درس المرحوم السيد الطباطبائي، [فالقصد] مسألة تربية التلاميذ. حتى الفلاسفة اللاحقون ممن كانوا في زماننا في طهران [مثل] المرحوم الميرزا ​​أحمد الآشتياني، وقبله المرحوم الميرزا ​​مهدي الآشتياني، أو المرحوم الشيخ الآملي(11) - رضوان الله عليهم - حسنًا، هؤلاء كانوا فلاسفة لكن تربية التلاميذ لديهم لم يكن معهودًا بها بقدر السيد الطباطبائي، فسماحته أحيا الفلسفة وصنعها للحق والإنصاف.

 

طبعًا هذه النقطة لافتة أيضًا، وهي أن غالبية تلاميذه - أي كثيرين منهم - كانوا ممن أدّوا دورًا في الثورة الإسلامية. ففي «مجلس خبراء القيادة» الذي دوّن الدستور، ثمة عدد كبير هم من تلاميذ المرحوم السيد الطباطبائي سواء في مجلس الخبراء أو قبله، أيْ في تلك المجموعة التي كانت تدوّن الدستور، وكان المرحوم الشيخ مطهري منها. هؤلاء تلاميذ المرحوم السيد الطباطبائي، وعدد من شهداء الثورة الإسلامية المشهورين هم من تلاميذه، فالشهيد مطهري تلميذه، والشهيد بهشتي تلميذه، والشهيد قدوسي كذلك، والشهيد الشيخ علي حيدري النهاوندي أيضًا،وهناك من قبيل هؤلاء الشهداء البارزين تلاميذ السيد الطباطبائي (رض) من لا يزال بعضهم على قيد الحياة - بحمد الله - وهم منبع فوائد كثيرة.

سمته الأخرى في ما يخص مسألة العلم أنَّ آثاره انتشرت في زمن حياته، وشوهدت بركات آثاره في زمن حياته.المرحوم السيد الطباطبائي بنفسه لم يكن موضع اهتمام إلى ذلك الحد حينما كان الميزان موضع بحث، أو افترضوا حينما كانت كتبه الحِكْميَّة مطروحة، أي لم يكن مطلقًا من أهل التظاهر، لكنَّ كتبه كانت في الأساس مدار بحث في كل مكان، ونُشر تفسيره الميزان، وكتابه أصول الفلسفة، وكتاباه «البداية» و«النهاية»، وكتابه الشيعة في الإسلام، وكتابه القرآن في الإسلام، والرسائل التوحيديَّة المتعدِّدة وغيرها، في زمن حياته. بناء عليه للجانب العلمي للمرحوم السيد الطباطبائي سمة فريدة ذكرناها.

كان استثنائيًا في ما يتعلق بسمة التقوى والورع والتعبُّد وولائه لأهل البيت (ع)، وخصائص من هذا القبيل.بطبيعة الحال، قيل وسمعنا [عنها] الكثير، والجميع يعلمونها، ولا أريد - أنا العبدَ - أن أكرِّر. في الواقع، كان إنسانًا بارزًا واستثنائيًا في هذه المجالات أيضًا، وكان بحق تقيًّا ورعًا. غير أنَّ سمتين من سمات المرحوم السيد الطباطبائي تثيران اهتمامي بشدة - أنا العبدَ - وتجذبانني نحوهما. إحداهما الجهاد الفكري الذي قلّ نظيره للسيد الطباطبائي مقابل غزو الأفكار المستوردة والأجنبية، وفي خضم الغزو بالمعنى الواقعي للكلمة. ربما لم يلتفت الذين لم يدركوا تلك الأزمنة إلى الوضع القائم يومذاك في الأوساط الشابة والمحافل الفكرية للبلاد. كان ثمة غزو بالمعنى الحقيقي للكلمة، سواء بالأفكار الأيديولوجية والمسلكية المستوردة كالماركسية، أو بإثارة الشبهات، الإثارة التي لم تكن على نحو أن يريدوا تقديم مدرسة فكرية بل كانوا يخلقون الشُّبهة [فقط]، وهو الأمر نفسه الذي شمَّر المرحوم الشيخ المطهري (رض) ساعد الهمة للتصدي له، وغالبية كتبه للتصدي للشبهات المطروحة حينذاك. استطاع المرحوم السيد الطباطبائي (رض) في خضم هذه الأحداث تأسيس مقر فكري وطيد بتشكيلات هجومية،أي من كانوا يتعرَّفون إلى أفكاره لم يكن موقفهم في مواجهة الماركسية ومواجهة مختلف الأفكار موقفًا دفاعيًا إنما هجومي، ومن نماذج ذلك كتب الشيخ مطهري (رض) هذه التي ترونها. السيد الطباطبائي هو من أسس هذا المقر الفكري عبر أصول الفلسفة، كما عبر الأقوال التفسيرية، وهذا التفسير بحر من المعارف السياسية والاجتماعية، ناهيكم بالمسائل المعرفية والمباني الفكرية والحِكْميَّة وما شابه، وتلك الجوانب التفسيرية الخاصة التي هي تفسير الآيات. بداهةً هذا الكتاب قلَّ مثيله في هذه المجالات؛ إنَّ الميزان هذا لغنيٌّ بالمسائل السياسية والاجتماعية، وهذه المسائل لم تكن أساسًا موضع بحث في ذاك العصر، لكن إذا نظر الإنسان اليوم إلى هذه المسائل، يرى أنَّها حتى اليوم مسائل عصرنا. كانت هذه [المسائل] توضع بين أيدي الأفراد. أسس المرحوم السيد الطباطبائي هذا المقر الفكري الهجومي، وهذا هو ذلك العمل الذي علينا – في رأيي - أن نتعلَّمه من السيد الطباطبائي: تأسيس مقرات فكرية تملأ الثغرات وتمتلك جانبًا هجوميًا لا موقفًا انفعاليًا ودفاعيًا. هذه سمة جذابة جدًا بالنسبة إليّ.

 

سمته الثانية التي تعدّ هي الأخرى سمة بارزة ومهمة جدًا - في رأيي - أنَّه لم يكتفِ في حقل المعارف التوحيدية والمفاهيم العَرْشيَّة التي كان قد توصَّل إليها في الفكر بمجرد التوليد الفكري، فقد تحقَّق في نَفْسه الشريفة وقلبه الشريف بتلك الحقائق والمعارف، وعَمِل بما كان يعلم. إنَّ المرحوم السيد الطباطبائي بالمعنى الحقيقي للكلمة مصداق هذه الآية الشريفة: {إِلَيهِ يَصْعَدُ الكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالعَمَلُ الصّالِحُ يَرفَعُه} (فاطر، 10). تحقَّق ذلك {الكَلِمُ الطَیِّبُ} في وجوده بالمعنى الحقيقي للكلمة. هذه هي الخصائص الأخلاقية المعروفة عنه: التواضع الاستثنائي، وفقدان الأهواء، وكلها نابعة من ذلك المعنى. فحِلْمه وتواضعه نابعان من تحقُّق تلك المعاني والمعارف السامية في نَفْسه هو ذاته. لقد ربَّى نفسه واستطاع أن يدفع ذاته إلى الأعلى خلال هذه الدرجات الإنسانية والمعرفية الرفيعة وأن يرفعها. لهذا كان يبدو بين ظهراني الناس لكنه مع الله. كان الإنسان يشعر بحق في التعامل معه كأنَّه لم يكن يرى لنفسه أي شخصية. كان حليمًا وتعامله لينًا. كان يتعامل بالحلم والصبر حتى مع الذين يُحاجُّونه ويُعادونه، ويصفح عنهم. كان في منتهى التواضع، وقد كان تواضعه مثار استغراب أحيانًا. لأروِ للسادة قصة. كان المرحوم العلامة السمناني (رض) (12) عالم دين مُسنًا ومقيمًا في سمنان، وكان رجلًا وجيهًا ومعروفًا. قَدِم إلى قم، وكان العلماء يذهبون لرؤيته، وكان التردُّد إلى بيته كثيرًا. ذات يوم كنت جالسًا في الحجرة فدخل أحد أصدقائنا، وكان من مريدي السيد الطباطبائي ومحبيه الحجرةَ، وقال بحماسة: «لا أحد يصل إلى حبيبنا بحُسن الخُلق والوفاء» (13)، فقلت: ما القصة؟ فقال: كنا في منزل العلامة السمناني، والسيد الخميني أيضًا حاضر، وكذلك السيد الطباطبائي، وكان بعض السادة أيضًا. التفت العلامة السمناني إلى السيد الخميني وقال: يا سيد، لقد شاهدنا تفسير الميزان هذا وكان جيدًا للغاية وممتازًا جدًا، وقد استمتعنا بحق، وطفق يشيد بتفسير الميزان متصورًا أن [الإمام الخميني] هو السيد الطباطبائي. كذلك لم يكن السيد الخميني رجلًا يرتبك في هذه القضايا فكان يجلس صامتًا ولم يتكلم. كان السيد الطباطبائي يجلس في جانب فالتفت إلى السيد العلامة السمناني وقال: يا سيد، أنا العبدَ هو الطباطبائي، وجنابه هو أستاذي السيد الخميني. قال: «لا أحد يصل إلى حبيبنا بحُسن الخُلق والوفاء»، أي تأثَّر لهذا الشأن.

إنَّ المرحوم السيد الطباطبائي، رغم هذه الخصائص المعنوية والعلمية والسلوكية كلها والأمور التي يعرفها - بطبيعة الحال - الجميع تقريبًا عنه في هذه الأزمنة، كان من ناحية التعامل الشخصي ومع الأصدقاء شخصًا محبوبًا ولطيفًا. كان ذا معشر حسن، وذا لسان حلو، وعذب الكلام، وحسن المنطق. كان في اجتماعات الأصدقاء لا يتّسم بحالةُ الصمت تلك التي كان يراها المرء منه في المجالس العامة ومجالس البحث والدراسة وما شابه، بل كان حميمًا وأخَّاذًا ومحبوبًا وعذب الكلام. حينما كان يذكر مسألة، كانت مزوَّقة وبرَّاقة وبالتفصيل. كان كذلك، وشخصية جامعة، وصاحب ذوق، ومن أهل الشعر والأدب، ويجمع خصائص يمكن للإنسان الممتاز والرفيع أن يمتلكها.

في رأيي، علينا أن نمضي خلف هاتين الخاصيَّتين اللتين ذكرتهما: إحداهما مسألة سد الثغرات، والثانية التحقُّق بالمعارف التي يعلمها الإنسان - «وَأَفئِدَةَ العارِفينَ‏ مِنكَ‏ فازِعَة»، فمعرفة العرفان تختلف عن «وَأَفئِدَةَ العارِفينَ‏ مِنكَ‏ فازِعَة» (14)،فهذان مبحثان مختلفان - علينا جميعًا المضي خلف هاتين الخاصيَّتين، وعلى كل من يسير في هذا الطريق أن يمضي خلفهما.

 

نأمل أن يرفع الله المتعالي درجاته إن شاء الله، وأن يجعلنا من العارفين بقدره. بحمد الله، إنَّ البركات الإلهية في ما يتعلق به هي كذلك، فالسيد الطباطبائي هو اليوم معروف أكثر بدرجات من زمن حياته. ربما لم يكن معروفًا في زمن حياته حتى عُشر الآن، فهو حاليًا - بحمد الله - معروف على مستوى البلاد، وفي المحافل العلمية، وعلى مستوى العالم إلى حد كبير. إنَّ السيد الطباطبائي سيُعرف أيضًا أكثر من هذا إن شاء الله.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

 

1- في بداية هذا اللقاء، قدّم تقارير كل من حجة الإسلام والمسلمين غلام رضا فياضي (رئيس مجلس إدارة «المجمع الأعلى للحكمة الإسلامية» ورئيس المؤتمر)، وحجة الإسلام والمسلمين حامد بارسانيا (عضو مجلس إدارة «المجلس الأعلى للحكمة الإسلامية» والأمين العلمي للمؤتمر) والسيد محمد باقر الخراساني (المدير التنفيذي لـ«المجلس الأعلى للحكمة الإسلامية» والأمين التنفيذي للمؤتمر).

2- عِلم «الهيئة» في اصطلاح الحكماء هو معرفة تركيب الأفلاك وهيأتها وهيئة الأرض وكميّة الكواكب وأقسام البروج وأبعادها وعظمها وحركاتها، وما يتبعها من هذا الفنّ.

3- النسخة الفارسية: اصول فلسفه و روش رئالیسم.

4- في أواخر عمره الشريف.

5- كتاب بداية الحكمة.

6- كتاب نهاية الحكمة.

7- السيد أبو الحسن الطباطبائي، المشهور بالميرزا جلوه.

8- الشيخ أسد الله بن جعفر حكيم القمشئي الأصفهاني.

9- الشيخ هادي بن مهدي السبزواري، المشهور بالحاج السبزواري.

10- الشيخ محمد كاظم بن الملا حسين الهروي الخراساني النجفي.

11- آية الله الشيخ محمد تقي الآملي.

12- آية الله محمد صالح الحائري المازندراني المعروف بالعلّامة السمناني.

13- حافظ، ديوان الأشعار، الغزليات.

14- كامل الزيارات، ص. 40 (زيارة أمين الله).

 

 

زار وفد من مديرية الإشراف التربوي في المؤسسة الإسلامية للتربية والتعليم متحف صحف القرآني، وهو معرض يهدف إلى التعريف وحفظ كل ما يتعلق بالقرآن الكريم كتابًا وأدوات، وإلى التعريف بالتراث الحضاري الغني للمجتمعات الإسلامية ليعيد الارتباط بالمصحف الشريف نظرًا وقراءةً وتدبرًا. وقد جال الوفد الذي ضم مشرف التربية الدينية الشيخ فادي شمس الدين  والمشرف المساعد في وحدة  اللغة العربية الدكتور وائل فضلاً عن فريق التنسيق في ثانويات بيروت على أقسام المتحف، حيث قدم سماحة الشيخ علي خازم شرحًا وافيًا، هذا وبحث الوفد مع سماحته  سبل استثمار  المعرض وتوظيفه في سياقات العملية التعليمية من خلال مهمات الأداء التعليمية.

 

   

 
شاركت ثانوية المهدي(ع) الشرقية في مشروع "تجربة الوحدات التعلميّة" التي أطلقها المركز التربوي للبحوث والانماء للمنهج المطوّر ضمن مجموعة من 6 مدارس من كل لبنان تمّ  اختيارهم بحسب التوزيع المناطقي. وقد شارك وفد الثانوية المؤلف من 30 منسق ومعلم بكافة البرامج والورش التدريبية للتجربة على مدى يومين السبت والأحد في 11 - 12 -ت2-2023. 
 
وكانت مشاركة الكادر فعالة ومميّزة في كافة المواد التي سوف تعتمد في التجربة (لغات- علوم-رياضيات).
 
 
 
   
 

الرزنامة


نيسان 2024
الأحد الإثنين الثلاثاء الأربعاء الخميس الجمعة السبت
31 1 ٢٢ 2 ٢٣ 3 ٢٤ 4 ٢٥ 5 ٢٦ 6 ٢٧
7 ٢٨ 8 ٢٩ 9 ٣٠ 10 ٠١ 11 ٠٢ 12 ٠٣ 13 ٠٤
14 ٠٥ 15 ٠٦ 16 ٠٧ 17 ٠٨ 18 ٠٩ 19 ١٠ 20 ١١
21 ١٢ 22 ١٣ 23 ١٤ 24 ١٥ 25 ١٦ 26 ١٧ 27 ١٨
28 ١٩ 29 ٢٠ 30 ٢١ 1 2 3 4
لا أحداث

مواقع صديقة

Image Caption

جمعية المبرات الخيرية

Image Caption

مؤسسة امل التربوية

Image Caption

مدارس الامداد الخيرية الاسلامية

Image Caption

المركز الاسلامي للتوجيه و التعليم العالي

Image Caption

وزارة التربية والتعليم العالي

Image Caption

جمعية التعليم الديني الاسلامي

Homeمساحة الدراسات و الابحاث التربويةأخبار مستوى أول - قطرانيإحياء ولادة الرسول لتلامذة الحلقة الثانية
https://socialbarandgrill-il.com/ situs togel dentoto https://sabalansteel.com/ https://dentoto.cc/ https://dentoto.vip/ https://dentoto.live/ https://dentoto.link/ situs toto toto 4d dentoto omtogel http://jeniferseo.my.id/ https://seomex.org/ omtogel https://omtogel.site/